اسم الکتاب : مع الناس المؤلف : الطنطاوي، علي الجزء : 1 صفحة : 114
لا حاجة إليه ولا لزوم له، ولقد دخلت غرفاً في أفخم الدور كُدِّست فيها التحف والتماثيل والمطرّزات واللوحات بلا ذوق ولا ترتيب، حتى صارت كأنها مخزن مفروشات لا غرفة استقبال، مع أن الأجانب الذين نقلدهم في حياتنا لا يضعون في أبهاء الاستقبال إلا الشيء الضروري، وإذا عمدوا إلى الزينة والترف علقوا لوحة لها قيمة فنية وأقاموا تحفة واحدة أثرية أو تذكارية، لا ترى لديهم إطاراً ضخماً غالياً فيه صورة سخيفة حمقاء، ولا ترى هذه المجموعات من الأطباق الصينية وعلب الزينة وقناني الطيب التي لا تُفتح ولا تُستعمل، وهم يفضّلون الأناقة والذوق على الثمن المادي للأشياء.
وهذه السلسلة من الحفلات، حفلة الخطبة ولبس الخاتم، وحفلة العقد، وربما سبقتها حفلة التلبيسة، وحفلة العرس، والسبعة الأيام وحفلة التعارف ... وكل حفلة تكلف المئات وتجمع أنماطاً من الناس ليس بينهم تفاهم ولا توادّ، وربما لم يكن بينهم تعارف سابق. وهذه الحفلات للرجال ضجة وصخب وفوضى أو صمت وتكلف وحديث خافت، وللنساء حفلات عرض أزياء، كل واحدة تعرض ثوبها وتنتقد ملابس الأخريات!
وهذه الحفلات مع ما يتبعها من الهدايا المقررة المتعارف عليها، التي يتفق أحياناً على نوعها وثمنها، تكلف الخاطب أكثر من المهر، وتكلف الأب هي والجهاز مثل ما تكلف الخاطب، وتكون نكبة على كل رجل تدعى زوجته أو ابنته إليها لأنه يضطر إلى شراء الملابس الجديدة ودفع ثمنها مما خصصه لخبز عياله أو ثمن ملابس أولاده.
اسم الکتاب : مع الناس المؤلف : الطنطاوي، علي الجزء : 1 صفحة : 114