هذا الوجود الذي يسبح بحمده، ومحمود من شتى الخلائق، ولو شذ البشر عن حمده: {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (38)} [فصلت: 38].
وهو سبحانه الحميد، الذي له الكمال المطلق، والإحسان كله منه، فهو أحق بكل حمد، وبكل حب، وهو جل جلاله أهل أن يُّحمد، وأن يُعبد، وأن يُطاع، وأهل أن يُّحب لذاته وأسمائه وصفاته، وأفعاله وإحسانه.
فلله عزَّ وجلَّ الحمد على مجده .. وله الحمد على عظمته وكبريائه .. وله الحمد على عزته وقدرته .. وله الحمد على غناه .. وجميل إحسانه .. وله الحمد على توليه المؤمنين بنصرته ورعايته لهم: {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70)} [القصص: 70].
فسبحان العزيز الحميد، الذي له القدرة التامة، والمشيءة النافذة، والعلم المحيط، والسمع الذي وسع الأصوات كلها، والبصر الذي أحاط بجميع المبصرات، والرحمة التي وسعت جميع المخلوقات.
وسبحان الملك الذي له الملك الأعلى الذي لا يخرج عنه ذرة من الذرات، وله الغنى التام المطلق من جميع الجهات، وله العزة الغالبة القاهرة لجميع المخلوقات.
وسبحان الحكيم الذي له الحكمة البالغة المشهودة آثارها في جميع الكائنات، وله الكلمات التامات النافذات، التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من جميع البريات.
ومن أعظم نعم الله علينا، وما استوجب حمده علينا، أن جعلنا عبيداً له خاصة، ولم يجعلنا عبيداً لإله باطل من حجر أوخشب، لا يسمع أصواتنا، ولا يبصر أفعالنا، ولا يعلم أحوالنا، ولا يملك لعابديه ولا لغيرهم نفعاً ولا ضراً، ولا يتكلم ولا يأمر ولا ينهى.
فهذا حمد الرب بأسمائه وصفاته: {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ