تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)} ... [الإسراء: 44].
وهو سبحانه الملك الذي له الملك، وقد آتى من الملك بعض خلقه، وله الحمد، وقد آتى من الحمد ما شاء من عباده، وكما أن ملك المخلوق داخل في ملكه سبحانه، فحمده أيضاً داخل في حمده، فما من محمود يحمد على شيء إلا والله المحمود عليه بالذات والأولوية.
فهو سبحانه المحمود على كل حال، وعلى كل شيء، أكمل حمد وأعظمه.
والملك والحمد في حق الله متلازمان، فكل ما شمله ملكه شمله حمده، وكما يستحيل خروج شيء من الموجودات عن ملكه وقدرته، يستحيل خروجها عن حمده وحكمته.
ولهذا يحمد الله عزَّ وجلَّ نفسه عند خلقه وأمره، فهو المحمود على كل ما خلقه وأمر به حمد شكر، وحمد ثناء كما قال سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [1]} [الأنعام: [1]].
وقال عزَّ وجلَّ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا [1]} [الكهف: [1]].
والحمد أوسع الصفات، وأعم المدائح، وأفضل ما يثني به العبد على ربه ومولاه العليم الخبير.
قال الله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (58) [الفرقان: 58].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلآنِ «أوْ تَمْلأ» مَا بَيْنَ السموات وَالأَرْضِ» أخرجه مسلم [1].
والله سبحانه محمود بذاته ولو لم يقم بحمده أحد من البشر، وهو المحمود في [1] أخرجه مسلم برقم (223).