أحيانه. وقالت أمُّ عطية: كنا نؤمر أن يخرج الحيض فيكبرن بتكبيرهم ويدعون ... إلخ، وذكر حديث عبد العزيز بن أبي سلمة عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نذكر إلا الحج فلما جئنا سرف طمثت فدخل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي فقال: «ما يبكيك». قلت: لوددت والله أني لم أحج العام. قال: «لعلك نفست». قلت: نعم، قال: «فإن ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم فافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري». (1)
وقال الحافظ في الفتح: [2] قيل مقصود البخاري بما ذكر في هذا الباب من الأحاديث والآثار، إن الحيض وما في معناه من الجنابة لا ينافي جميع العبادات، بل صحت معه عبادات بدنية من أذكار وغيرها، فمناسك الحج من جملة ما لا ينافيها؛ إلا الطواف فقط، وفي كون هذا مراده نظر؛ لأن كون مناسك الحج، كذلك حاصل بالنص فلا يحتاج إلى الاستدلال عليه، والأحسن ما قاله ابن رُشيد تبعًا لابن بطال، وغيره، إن مراده الاستدلال على جواز قراءة الحائض والجنب بحديث عائشة - رضي الله عنها -؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يستثن من جميع مناسك الحج؛ إلا الطواف، وإنما استثناه لكونه صلاة مخصوصة، وأعمال الحج مشتملة على ذكر وتلبية ودعاء، ولم تمنع الحائض من شيء من ذلك، فكذلك الجنب؛ لأن حدثها أغلظ من حدثه، ومنع القراءة إن كان لكونه ذكرا لله، فلا فرق بينه وبين ما ذكر، وإن كان تعبدًا، فيحتاج إلى دليل خاص، ولم يصح عند المصنف شيء من الأحاديث الواردة في ذلك، وأن كان مجموع ما ورد في ذلك تقوم به الحجة عند غيره؛ لكن
(1) صحيح البخاري (رقم: 305). [2] الفتح (1/ 407).