صلاة الجنازة، وسجود السهو، والقنوت قبل الركوع وبعده، والتحميد بإثبات الواو وحذفها، وغير ذلك؛ لكن قد يستحب بعض هذه المأثورات، ويفضل على بعض، إذا قام دليل يوجب التفضيل، ولا يكره الآخر. ومعلوم أنه لا يمكن المكلف أن يجمع في العبادة المتنوعة بين النوعين في الوقت الواحد، لا يمكنه أن يأتي بتشهدين معًا، ولا بقراءتين معًا، ولا بصلاتي خوف معًا، وإن فعل ذلك مرتين كان ذلك منهيًا عنه، فالجمع بين هذه الأنواع محرم تارة، ومكروه أخرى، ولا تنظر إلى من قد يستحب الجمع في بعض ذلك، مثل ما رأيت بعضهم قد لفّق ألفاظ الصلوات على النبي المأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، واستحب فعل ذلك الدعاء الملفق، وقال في حديث أبي بكر (1)
الصديق - صلى الله عليه وسلم - المتفق عليه لما قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: علمني دعاء أدعو به في صلاتي، فقال: قل: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كبيرًا» وفي رواية: «كثيرًا» [2] «وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عند، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم» [3]. فقال يستحب أن يقول: كثيرا كبيرا، وكذلك يقول في أشباه هذا: فإن هذا ضعيف، فإن هذا أولا ليس سنة، بل خلاف المسنون. فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل ذلك جميعه جميعًا؛
(1) هو: عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر. من تيم قريش. أول الخلفاء الراشدين، وأول من آمن برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. من أعاظم الرجال، وخير هذه الأمة بعد نبيها. ولد بمكة، ونشأ في قريش سيدًا، موسرًا، عالمًا بأنساب القبائل حرم على نفسه الخمر في الجاهلية، وكان مألفا لقريش، أسلم بدعوته كثير من الًسابقين. صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هجرته، وكان له معه المواقف المشهورة. ولي الخلافة بمبايعة الصحابة له. فحارب المرتدين، ورسخ قواعد الإسلام. وجه الجيوش إلى الشام والعراق ففتح قسم منها في أيامه. أنظر: منهاج السنة 3/ 118 (وأبو بكر الصديق) للشيخ علي الطنطاوي .. [2] صحيح البخاري (رقم: 834). [3] صحيح مسلم (رقم: 2705).