مسعود [1] قبل صلاة الغداة، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري ([2])،
فقال: أَخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد، قلنا: لا، فجلس معنا حتى خرج، فلما خرج قمنا إليه جميعًا، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد أنفا أمرًا أنكرته، ولم أر والحمد لله إلا خيرًا، قال: فما هو، فقال: إن عشت فستراه، قال: رأيت في المسجد قوما حلقا جلوسًا، ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصا، فيقول: كبروا مائة، فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة، فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة، فيسبحون مائة، قال: فماذا قلت لهم، قال: ما قلت لهم شيئًا، انتظار رأيك، أو انتظار أمرك، قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم، ثم مضى ومضينا معه، حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون، قالوا: يا أبا عبد الله حصا نعد به التكبير والتهليل والتسبيح، قال: فعدوا [1] هو: عبد الله بن مسعود بن يافل بن حبيب الهذلي، أبو عبد الرحمن من أهل مكة. من أكابر الصحابة فضلًا وعقلًا. ومن السابقين إلى الإسلام. وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرتين. شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. كان ملازما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أقرب الناس إليه هديا ودلا وسمتا. أخذ من فيه سبعين سورة لا ينازعه فيها أحد. بعثه عمر إلى أهل الكوفة ليعلمهم أمور دينهم. له في الصحيحين 848 حديثًا. أنظر: الطبقات لابن سعد 3/ 106؛ والإصابة 2/ 368؛ والأعلام 4/ 480. [2] هو: عبد الله بن قيس بن سليم، من الأشعريين، ومن أهل زبيد باليمن. صحابي من الشجعان الفاتحين الولاة. قدم مكة عند ظهور الإسلام، فأسلم، وهاجر إلى الحبشة. واستعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - على زبيد وعدن. وولاه عمر بن الخطاب البصرة سنة 17هـ، فافتتح أصبهان والأهواز، ولما ولي عثمان أقره عليها، ثم ولاه الكوفة. وأقره علي، ثم عزله. ثم كان أحد الحكمين بين علي ومعاوية. وبعد التحكيم رجع إلى الكوفة وتوفي بها. أنظر: الأعلام للزركلي 4/ 254؛ والإصابة؛ وغاية النهاية 1/ 442 ..