responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نور وهداية المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 216
لا يزرع لا يحصد، ولكن ربما زرع الزارع ووضع السماد وتعهد الزرع وعمل كل شيء، فجاءت آفة زراعية، حشرة أو دودة، فأكلت المحصول، أو جرفه السيل أو احترقت البيادر.
والذي لا يداوي ولده لا يبرأ غالباً، ولكن ربما أخذه إلى أحسن طبيب وأدخله أفخم مستشفى وأعطاه أغلى دواء، فأدركه الأجل فمات. وقد يكون -كما قلت لكم مرات- مريضان في مستشفى واحد، مرضهما واحد وطبيبهما واحد والدواء واحد، فيموت الواحد ويشفى الآخر.
وقد يفتح أخوان دكانين متجاورين، ويكون لكل منهما من المال والذكاء مثل الذي للآخر، فيقع هذا على صفقة نادرة يصير بها من الأغنياء ويبقى الثاني بقّالاً.
فالسبب لا بدّ منه، ولكن السبب وحده لا يكفي والله من وراء السبب؛ فهو الذي يسلّم المحصول، وهو الذي يَشفي المريض، وهو الذي يُنجّح التلميذ. فالمسلم عليه أن يعمل كل ما يستطيع، ثم يتوجه إلى الله فيطلب منه النجاح، وهذا هو التوكل.
والذي يعمل بالأسباب ويقصد بها اتّباع أمر الله يكون عمله بالأسباب عبادة. الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بمداواة المريض فقال: «يا عباد الله تداووا فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له دواء» [1]، فانووا بالتداوي امتثال أمر الرسول صلى الله عليه وسلم.
لقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأعرابي معنى التوكل؛

[1] أخرجه الترمذي (مجاهد).
اسم الکتاب : نور وهداية المؤلف : الطنطاوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 216
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست