اسم الکتاب : هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا المؤلف : الخزندار، محمود محمد الجزء : 1 صفحة : 184
بهذا المعنى: صراحة برفق حيث ينبغي الرفق.
وما رُوي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه دارى، إلا الفاسق ذا الفحش الذي يُخشى شرُّه، أو حديث العهد بالإسلام ضعيف الإيمان، وفيما عدا ذلك كان يصرح بلسانه، ويُعرَف الاستنكار في وجهه، وتلكم هي صراحة المؤمن مع من يرى أنهم إخوة له في الإيمان، مهما تكن منزلته.
لما ظهر للصحابة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسي فصلى ركعتين بدل أربع، قال ذو اليدين - بكل أدب -: يا نبي الله أنسيت أم قُصرت؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «لم أنسَ ولم تُقصر»، عندئذٍ أجاب الصحابة - بكل صراحة - «بل نسيت يا رسول الله» [1] ولم يُعنِّفهم، ولم يغضب لصراحتهم، ولم يداور عليهم، وتعلموا سجود السهو، كما تعلموا احتمال الصراحة.
ومن صراحة الصحابة رضي الله عنهم: ما ورد في حديث الصلاة على عبد الله بن أُبي كبير المنافقين، وكان من أبرزها موقف عمر - رضي الله عنه -، حين استنكر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي على رأس المنافقين، يقول: (تحوَّلت، حتى قمت في صدره، فقلت: يا رسول الله! أعلى عدو الله؟! ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبسم، حتى إذا أكثرت عليه، قال: «أخِّر عني يا عمر»)، وذلك قبل نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة على المنافقين، ولرجائه بأن يغفر الله لهم إن استغفر لهم فوق السبعين - ويقول عمر في آخر الحديث: (فعجبت بعدُ من جرأتي على رسول الله) [2]. [1] صحيح البخاري - كتاب الأدب - باب 45 - الحديث 6051 (الفتخ 10/ 468). [2] مسند أحمد 1/ 16 - واللفظ له - وهو عند البخاري برقم 4671 (الفتح 8/ 333).
اسم الکتاب : هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا المؤلف : الخزندار، محمود محمد الجزء : 1 صفحة : 184