اسم الکتاب : هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا المؤلف : الخزندار، محمود محمد الجزء : 1 صفحة : 142
به؛ خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم» [1].
ويقول البخاري: (.. وكانت الأئمة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها، فإذا وضح الكتاب أو السنة لم يتعدوه إلى غيره اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - [2].
ومن التزم التيسير على الناس، ورفع الحرج عنهم، فقد تكفل الله له بالوقاية من النار، وبغفران الذنوب، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «حُرِّم على النار كلُّ هيِّن ليِّن سهل قريب من الناس» [3]، و «غفر الله لرجل كان من قبلكم سهلًا إذا باع، سهلًا إذا اشترى، سهلًا إذا قضى، سهلًا إذا اقتضى» [4].
سر هذه المغفرة أن السهولة واليسر طبعت تصرفاته كلها، وطبيعة هذا الدين التيسير، ومن قواعده الشرعية رفع الحرج، فما كان أيسر كان أرضى لله، يقول الإمام الشعبي: (إذا اختلف عليك أمران فإن أيسرهما أقربهما إلى الحق)؛ لقوله تعالى: {.. يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ ...} [البقرة: 185] [5]، ولأن ديننا قائم على رفع العنت: «إن الدين يسر» [6].
ومن يُسر الداعية مع الناس أن يأمرهم بما يُطيقون، مثلما كان حال النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن يُسر المفتي مع الناس ألا يقصد إيقاعهم فيما يشق عليهم من خلال التنقيب والمساءلة، وفي ذلك يقول ابن العربي [1] صحيح البخاري - كتاب التهجد - باب 5 - الحديث 1128 (فتح الباري 3/ 10). [2] صحيح البخاري - كتاب الاعتصام - من ترجمة الباب 28 (فتح الباري 13/ 339). [3] مسند أحمد 1/ 415، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 3135. [4] مسند أحمد 3/ 340، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 4165. [5] عن محاسن التأويل للقاسمي 3/ 427. [6] صحيح البخاري - كتاب الإيمان - باب 29 - الحديث 39 (فتح الباري 1/ 93).
اسم الکتاب : هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقا المؤلف : الخزندار، محمود محمد الجزء : 1 صفحة : 142