responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب المؤلف : محمد نصر الدين محمد عويضة    الجزء : 1  صفحة : 674
إن من المعلوم شرعاً أن العلماء ورثة الأنبياء، قائمون في الأمة مقامهم، مضطلعون بدورهم، والجماهير دائمًا تتطلع إليهم، وعيونهم معلقة بهم، خاصة وقت الأزمات والنوازل، وكلما كان العالم الرباني منظورًا إليه، مقتدى به، كانت التبعة أعظم والمحنة أشد؛ فالعالم الرباني هو رجل الأمة، ودليل العامة، ودرع الحق والشرع الذي يحمي بيضة الدين، ويذب عن حياضه، وبثباته على الحق يثبت الكثيرون، وبتهاونه يضيع أيضًا الكثيرون، لذلك ما من عالم رباني قام في الأمة إلا تعرض لكثير من المحن والابتلاءات، ولقد كان الإمام سعيد بن المسيب رحمه الله من سادات التابعين وعلمًا من أعلام المسلمين، ممن كمل حاله وجمع الله عز وجل فيه من خصال الخير كله من العلم والعمل، فلقد كان بحق عالمًا عاملاً، لا يخاف في الله لومة لائم، صادعًا بالحق أمارًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، لا يهاب خليفة ولا أميرًا، مجافيًا لأبوابهم معتزًا بعلمه، صائنًا لعرضه، شديد الانتقاد لأي مظهر من مظاهر الخروج على الشرع والحق، ومن كانت هذه خصاله فحري به أن يمتحن ويتعرض للمحنة تلو الأخرى، ومع ذلك لا ينال البلاء من عزيمته ولا تلين المحنة شيئًا من صلابته في الحق، لقد كان سعيد بن المسيب من بني مخزوم أشراف قريش وكانوا من المتحالفين مع الأمويين ضد الإسلام، ولكن كان جده من أصحاب النبي محمد. وقد أصبح سعيد في شبابه أفقه أهل المدينة وصار في شيخوخته رمزا للمدينة، وكبيرا للتابعين في عصره والتابعون هم الجيل التالي للصحابة والذي عايش الصحابة. وبسبب مكانته العائلية والفقهية والمعنوية، فقد كان هدفا مناسبا للمتصارعين علي الحكم، إذ لابد من إرغامه علي البيعة حتى يبايع الآخرون، فإذا رفض عوقب حتى يكون عبرة للآخرين. وكالعادة يقوم والي المدينة بعقابه، ثم يكتفي الخليفة بعتاب رقيق للوالي علي ما فعله بسعيد مع استمرار وقوع الظلم علي سعيد.

اسم الکتاب : فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب المؤلف : محمد نصر الدين محمد عويضة    الجزء : 1  صفحة : 674
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست