اسم الکتاب : فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب المؤلف : محمد نصر الدين محمد عويضة الجزء : 1 صفحة : 65
ثم إنكم تشيعون كل يوم غادياً ورائحاً، قد قضى نحبه، وانقضى أجله، حتى تغيبوه في صدع من الأرض، في شق صدع، ثم تتركوه غير ممهد ولا موسد، فارق الأحباب، وباشر التراب، ووجه للحساب، مرتهن بما عمل، غني عما ترك، فقير إلى ما قدم. فاتقوا الله وموافاته وحلول الموت بكم، أما والله إني لأقول هذا وما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما عندي وأستغفر الله، وما منكم من أحد يبلغنا حاجته لا يسع له ما عندنا إلا تمنيت أن يبدأ بي وبخاصتي حتى يكون عيشنا وعيشه واحداً، أما والله لو أردت غير هذا من غضارة العيش لكان اللسان به ذلولاً، وكنت بأسبابه عالماً، ولكن سبق من الله كتاب ناطق، وسنة عادلة، دل فيها على طاعته، ونهى فيها عن معصيته، ثم رفع طرف ردائه فبكى وأبكى من حوله.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عون بن معمر قال: كتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز: أما بعد، فكأنك بآخر من كتب عليه الموت قيل قد مات. فأجابه عمر: أما بعد، فكأنك بالدنيا ولم تكن، وكأنك بالآخرة ولم تزل.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، قال: قال عمر لرجل: أوصيك بتقوى الله فإنها ذخيرة الفائزين، وحرز المؤمنين، وإياك والدنيا أن تفتنك فإنها قد فعلت ذلك بمن كان قبلك، إنها تغر المطمئنين إليها، وتفجع الواثق بها، وتسلم الحريص عليها، ولا تبقى لمن استبقاها، ولا يدفع التلف عنها من حواها، لها مناظر بهجة. ما قدمت منها أمامك لم يسبقك، وما أخرت منها خلفك لم يلحقك.
رحم الله رجلاً أيقظ نفسه في مهلة الحياة قبل الممات، واستعد للموت قبل حلول الفوات، وتضرَّع إلى الله قائلاً: اللهم يا عالم الخفيات ويا رفيع الدرجات، وَيَا مُجِيبَ الدَّعَوَاتِ وَيَا قَاضِي الحَاجَاتِ وَيَا سَامِعَ الأَصْوَاتِ وَيَا بَاعِثَ الأَمْواتِ و يَا خَالَق الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ، اعصمنا عن المعاصي والزلات ووفقنا لاغتنام الأوقات للعمل بالباقيات الصالحات.
اسم الکتاب : فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب المؤلف : محمد نصر الدين محمد عويضة الجزء : 1 صفحة : 65