وهكذا نزلت نصوص القرآن بوجوب تصدي القضاة لشرعية القوانين التي يطلب إليهم تطبيقها، فإن كانت شرعية طبقوها وإلا أهملوها وطبقوا نصوص الشريعة أو تطبيقًا لمبادئها العامة وروحها التشريعية. وبذلك سبق الإسلام القوانين الوضعية بحوالي ثلاثة عشر قرنًا في تقرير نظرية شرعية القوانين أو ما نسميه اليوم في عرفنا القانوني بنظرية دستورية القوانين.
رَابِعًا: السُّلْطَةُ المَالِيَّةُ:
ولقد أوجد الإسلام من يوم إنشاء الدولة الإسلامية سلطة مستقلة أخرى لم تكن معروفة من قبل ولم يعرفها العالم كله إلا في هذا القرن، تلك هي السلطة المالية، فقد كان الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَيِّنُ عُمَّالاً يستقلون بأمر القضاء. وَعُمَّالاً يستقلون بأمر الإدارة وَعُمَّالاً يستقلون بأمر الصدقات يجمعونها من الأغنياء في كل منطقة ليردوها على فقراء المنطقة، فما بقي منها نقل إلى بيت المال.
ولما فتح الله على المسلمين اتسع اختصاص القائمين على السلطة المالية فكان يشمل الصدقات والخراج والجزية والفيء والغنيمة، وكان المال الذي يجمع من هذه المصادر يوزع طبقًا
اسم الکتاب : الإسلام وأوضاعنا السياسية المؤلف : عبد القادر عودة الجزء : 1 صفحة : 238