الفعل؛ إذ المنكر ساعٍ في نجاة المعترض وغيره كذلك لا يعترض على من لا ينكر منكر إلا من عظم جهله وقل عقله؛ إذ المنكر قائم بإسقاط الفرض الواجب على المعترض وغيره ساعٍ في نجاتهم وخلاصهم من الإثم والحرج.
خامسًا: أن شركاء السفينة إذا سكتوا عمن أراد خرقها كانوا هم وإياهم في الهلاك سواء، ولم يتميز المفسد في الهلاك من غيره، ولا الصالح منهم من الطالح.
كذلك إذا سكت الناس عن تغيير منكر عمهم العذاب، ولم يميز بين مرتكب الإثم وغيره، ولا بين الصالح والطالح ألم يقل الله -تبارك وتعالى-: {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً}.
سادسًا: أنه لا يقدم من الشركاء على خرق سفينة إلا من هو أحمق يستحسن ما هو في الحقيقة قبيح، ويجهل عاقبة فعله الشنيع كذلك لا يقدم على المعصية إلا من استحسنها لنفسه وجهل ما فيها من عظيم الإثم، وأليم العاقبة قال الله تعالى: {قُ لْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} (الكهف: 103، 104)
سابعًا: أنه لا يقدم على خرق السفينة من آمن يقينًا بما في إخراقها من هلاك؛ إذ لا يقدم على إهلاك نفسه إلا من جهل أو شك فيه كذلك لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن بوعيد الله تعالى وأليم عذابه على الزنا، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن قال الله تعالى: {أَف َمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لاَّ يَسْتَوُون} (السجدة: 18).
وعن زينب بنت جحش -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها فزعًا يقول: ((لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعه الإبهام، والتي تليها قالت: فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث)).