وقد روي عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: "إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية"؛ لأنه إذا لم نعرف قبائح الجاهلية لم نتوقها، وربما خالطناها أو وقعنا فيها، والمجتمعات غير العربية قبل الإسلام أو التي لم تهتدِ بهديه بعد بزوغ شمسه لم تكن أحسن حالًا من المجتمعات العربية الجاهلية، ونذكر فيما يلي بعض الأوضاع التي كانت عليها المرأة في المجتمعات الجاهلية العربية وغير العربية:
أولًا: كان العرب قبل الإسلام ينظرون إلى المرأة نظرة احتقار وامتهان، ويحزنون لولادة الأنثى، وقد بين القرآن الكريم هذه الحالة النفسية التي كانت تنتابهم؛ فقال الله تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} (النحل: 58، 59)، حتى آل الأمر ببعضهم إلى وأد البنات، وهن على قيد الحياة قال الله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} (التكوير: 8، 9).
ثانيًا: ما كانت المرأة ترث؛ لأن الإرث عند عرب الجاهلية كان محصورًا في الرجال.
ثالثًا: كانت كثيرًا ما تخضع للتعسف والظلم، فإذا مات الرجل وترك زوجة وأولادًا من غيرها فللابن الحق في تزويجها، ولو كانت كارهة كما كان له أن يمنعها من التزوج، وللزوج أن يطلقها ما شاء من الطلقات، ويراجعها قبل أن تنتهي عدتها، وهكذا يجعلها كالمعلقة، لا هي مطلقة فتذهب إلى حال سبيلها، ولا هي بالزوجة التي تتمتع بحقوق الزوجية.
رابعًا: ولم يكن الناس في الجاهلية الأخرى أحسن حالًا من عرب الجاهلية؛ فقد وقع الاختلاف في أوربا حول المرأة من جهة مساواتها مع الرجل في تلقي الدين،