ولكن إذا كان المنكر مما اختلف الفقهاء فيه، فهل يمنع ذلك الاختلاف من الاحتساب فيه بدون قيد ولا شرط؟ الواقع، أن الخلاف إما أن يكون سائغًا، وإما ألا يكون سائغًا، ولكل حكمه:
أما الخلاف السائغ: فإنه يمنع من الاحتساب على رأي بعض الفقهاء، وقال آخرون: يجوز للمحتسب أن ينكر على فاعل المنكر المختلف فيه، بشرط أن يكون المحتسب مجتهدًا.
وأما الخلاف غير السائغ: وهو الخلاف الشاذ أو الباطل الذي لا يعتد به؛ لعدم قيامه على أي دليل مقبول، كالذي يخالف صريح القرآن، أو السنة الصحيحة المتواترة، أو المشهورة، أو إجماع الأمة، أو ما علم من الدين بالضرورة، فمثل هذا الخلاف لا قيمة له، ولا يمنع المحتسب من الإنكار والاحتساب.
شمولية المحتسب فيه
شمولية المحتسب فيه للدين كله:
قال الإمام الماوردي في كتابه (الأحكام السلطانية): إذا استقر ما وصفناه من موضوع الحسبة، فهي تشتمل على فصلين:
أحدهما: أمر بالمعروف.
والثاني: نهي عن المنكر.
فأما الأمر بالمعروف: فينقسم ثلاثة أقسام:
أحدها: ما يتعلق بحقوق الله تعالى.