ودعوى الحسبة هي من مفاخر التشريع الإسلامي الصادر من لدن عليم حكيم، فالمسلم المكلف بالقيام بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر تكفل له الشريعة متابعة القضية برفع دعوى ضد مرتكب المنكر إذا عجز عن تغييره بالوسائل التي تسبق ذلك من مراتب النهي عن المنكر، ويظل يتابع القضية حتى يصدر فيها حكم، بينما التشريعات الوضعية في النيابة العامة وغيرها لا تجيز لغير الجهة المعنية رفع دعوى من الأفراد.
والشريعة الإسلامية تحفظ الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر عن أي ضغط خارجي يجبره على إقرار المنكر، وتحرم التعرض له، وتوقع العقوبات على الذين يتعرضون للذين يأمرون بالقسط من الناس.
فإن قيل: في أي شيء تكون دعوى الحسبة؟
فالجواب: أن الحقوق في الإسلام التي ترفع الدعوى من أجلها تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية:
أولها: حق الله الخالص.
وثانيها: حق العبد.
وثالثها: حق مشترك بين حق الله الخالص، وحق العبد.
والحسبة كما هو واقعها لها مساس مباشر بالنشاط الإنساني في مختلف صوره الظاهرة، فإذا ما انحرف الإنسان بنشاطه بحيث يمس حقًّا خالصًا أو غالبًا من حقوق الله كانت دعوى الحسبة، ووجد سبب قيامها، فعلى هذا يكون محل دعوى الحسبة، وهو أن يمس حق لله خالصًا أو غالبًا، أما فيما يتعلق بحق العبد: فمحله ليس هذه الدعوى، وإنما محله الدعوى الشخصية.