إنكم أحدثتم في قراطيسكم كتابًا نكرهه -ويقصد بذلك الكلمة التي كتبت على هذه العملة وهي كلمة: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} - فإن تركتموه، وإلا أتاكم في الدنانير من ذِكر نبيكم ما تكرهونه" كأن "جُستنيان الإمبراطور" يهدد عبد الملك بن مروان، ويقول له: إما أن تزيلوا ما كتبتموه على هذه العملة، وهو عبارة: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} وإلا كتبنا لكم عليها أشياء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تكرهونها.
وأغضب هذا الخطاب الخليفة عبد الملك بن مروان كثيرًا، وخشي اضطراب أحوال العملة بسبب تهديد إمبراطور الروم، وما قد يحدثه ذلك من أثر سيء في نفوس عامة المسلمين؛ لأن دنانير الروم كانت العملة الرسمية للتجارة في الأسواق الإسلامية الداخلية، ومع الدول الخارجية أيضًا، وظهر أثناء هذه الأزمة قوة البيت الأموي، وما ساد تفكيرهم إذ ذاك من رغبة في التخلص من هذه التبعية النقدية، وإصدار عملة جديدة خاصة بالدولة الإسلامية، إذ أشار خالد بن يزيد على الخليفة عبد الملك بالتمسك بالقراطيس الجديدة -أي: القراطيس التي كتبت عليها صيغة: لا إله إلا الله- دون أن يخشى تهديد البيزنطيين.
فقال: يا أمير المؤمنين، حرِّم دنانيرهم، فلا يتعامل بها، واضرب للناس سِككًا -يعني: سك عملة جديدة- ولا تعفي هؤلاء الكفرة مما كرهوه في الطوامير يعني: لا تزيل هذه الكلمة التي أغاظتهم، وهي كلمة: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}.
وصادف هذا الاقتراح هوًى في نفس الخليفة، ورأى أنه يصلح خطوة أساسية لدعم النظام المالي للدولة، وخلق وحدة اقتصادية عن طريق عملة خاصة بها، وأقبل عبد الملك على سك دنانير إسلامية جديدة، عليها آيات من القرآن