responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشورى في الشريعة الإسلامية المؤلف : حسين بن محمد المهدي    الجزء : 1  صفحة : 131
البشرية دونها، ولهذا كان القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة كما يقول الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب رضي الله عنه. (1)
وقد حمل القضاء أمانة تحقيق العدل منذ فجر التاريخ, فإلى ساحة القضاء يهرع الناس جميعاً يلتمسون العدل والنصفة وهم عنده سواء لا قوي لديه ولا ضعيف ولا شريف أمامه ولا مشروف, لا يرهب أحداً لقوته ولا يستخف بحق أحد لهوانه وضعف قدرته, فهو حصن الأمان لكل من داهمه الخوف، وهو النظام الذي يصل به العدل إلى كل من اجترأ على الحق، وإذا كان القضاة هم ضمير الأمة ومعقد رجائها في إعلاء كلمة الحق والعدل التي أودعها خالقهم أمانة مقدسة بينهم لينطقوا في أمرها بعد بحث وكد ونصب وعناء فإنه حري بهم أن يسلكوا مسلك الشورى التي أمر الله بها؛ لأن القضاء من جملة الأمور التي أمر الله أن يُتشاور فيها, بل هو أهمها فيما التبس من الأمور وفيما لا يوجد فيه نص واضح وقاطع وما أكثر الملتبسات والمشتبهات، فالواجب على القاضي أن يبذل الجهد في فهم النص وفهم الواقعة وأن يشاور أيضاً أهل العلم والصلاح والفطنة لما لذلك من أثر في استجلاء الحقيقة والتثبت في فهم النص وفهم الواقعة [2] , ولقد اعتبر بعض العلماء المشاورة في القضاء مندوب إليها, ونقل عن جماعة من العلماء القول بالوجوب [3] , ونقل القرطبي أن ابن عطية قال: من لم يستشر أهل العلم والدين فعزله واجب. (4)
قلت: الظاهر أن الشرع قد حث على المشاورة في جميع الأمور التي نص فيها فما بالك في القضاء، ففي سورة آل عمران يقول تعالى مخاطباً نبيه: (وشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) [5] , وفي سورة الشورى يقول سبحانه: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ).

(1) - راجع الرسالة العمرية لأبي موسى الأشعري في إعلام الموقعين وغيره من المراجع.
[2] - انظر مؤلفنا الجرائم الماسة بالوظيفة العامة - الطبعة الأولى 2003م - ص 114.
[3] - انظر في ذلك تفصيل أوسع مواهب الجليل شرح مختصر خليل لمحمد بن محمد المعروف بالحطاب- ج 6 - ص 117. المتوفى سنة 954هـ. الطبعة الأولى. وتبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام للإمام العلامة برهان الدين اليعمري المالكي المتوفى 799هـ. خرج أحاديثه وعلق عليه الشيخ جمال مرعشلي - الطبعة الأولى 1416هـ - 1995م. الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان.
(4) - انظر تفسير القرطبي في الجامع لأحكام القرآن ج 4 - 249، وانظر أيضاً المحرر الوجيز لابن عطية الأندلسي ج 3 - ص 280.
[5] - الآية 159 من سورة آل عمران.
اسم الکتاب : الشورى في الشريعة الإسلامية المؤلف : حسين بن محمد المهدي    الجزء : 1  صفحة : 131
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست