responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سياست نامه = سير الملوك المؤلف : نظام الملك    الجزء : 1  صفحة : 202
أما فِي هَذِه الْأَيَّام فثمة من يتسنم سدة عشرَة مناصب دون أَن تكون فِيهِ أَيَّة كِفَايَة وَإِذا مَا جد منصب جَدِيد فَإِنَّهُ لَا يألو جهدا فِي اتِّخَاذه لنَفسِهِ وَلَو أدّى بِهِ الْأَمر إِلَى دفع المَال مُقَابل ذَلِك فيولاه دون أَن يحْسب مولوه حسابا لما إِذا كَانَ هَذَا الشَّخْص أَهلا لهَذَا الْعَمَل أم لَا ضليعا فِي الْكِتَابَة وَالتَّصَرُّف فِي الْأُمُور وإدارتها أم لَا وأخيرا أيستطيع أَن يثبت جدارته وَيقوم بِمَا وكل إِلَيْهِ من أَعمال أم لَا فِي حِين يحرم عدد كَبِير من الْأَكفاء واللائقين وَذَوي الْجلد والمجربين والمعتمدين مِمَّن لزموا بُيُوتهم عاطلين دون أَن يخْطر ببال أحد أَن يسْأَل نَفْيه لماذا يعْهَد بعدة مناصب واعمال إِلَى المغمورين مِمَّن لَا كِفَايَة وَلَا لياقة وَلَا أصل وَلَا فضل لَهُم وَيحرم الأصلاء والمعتمدون خَاصَّة أَصْحَاب الْحق على الدولة مِمَّن قدمُوا لَهَا خدمات جليلة وأظهروا فِيهَا كِفَايَة ولياقة فائقتين حَتَّى من عمل وَاحِد ويظلون عاطلين هَكَذَا وينتابني أعجب من هَذَا وَهُوَ أَن مولي الْأَعْمَال فِي كل العهود كَانُوا يندبون لَهَا من هم على مذاهبهم وشركائهم فِي العقيدة من الأصلاء والمتقين حَتَّى إِذا مَا رفض أحدهم وَأبْدى تمنعا وَلم يُحِبهُمْ الى ذَلِك كَانُوا يجبرونه ويسندون الْعَمَل اليه قسرا وَلَا جرم فِي أَن المَال لم يكن يذهب سدى وَأَن الرعايا كَانُوا فِي رَاحَة واطمئنان وَكَانَ المستقطعون يتمتعون بسمعة حَسَنَة ويعيشون عيشة هادئة وَكَانَ الْملك يقْضِي أَيَّامه ناعم البال رخي الْحَال لَكِن لَا وجود لهَذَا الْيَوْم لِأَنَّهُ يسمح لِلْيَهُودِيِّ والزرادشتي والرافضي يتولي الْكِتَابَة للأتراك السلاجفة وإدارة شؤونهم لقد استولت عَلَيْهِم الْغَفْلَة فَلَيْسَتْ فيهم حمية على الدّين وَلَا شَفَقَة على المَال وَلَا رَحْمَة بالرعية فالدولة وصلت إِلَى أوج كمالها وإنني لأخشى عَلَيْهَا الْعين وَلست أَدْرِي إلام ستؤول الْأُمُور إِذْ لم تكن لأي زرادشتي ومسيحي ورافضي الجراة حَتَّى على إِظْهَار نَفسه فِي عهد مَحْمُود ومسعود وطغرل وألب أرسلان أَو على الْقدوم إِلَى أَي تركي فقد كَانَ كل كتبة التّرْك والقائمين على شؤونهم والمتنفذين فِيهَا من خُرَاسَان وَمن الْحَنَفِيَّة أَو الشَّافِعِيَّة الْأَطْهَار وَلم يكن التّرْك ليفسحوا المجال أَمَام كتبة الْعرَاق وعمال خراجها من ذَوي الْمذَاهب السَّيئَة بل لم يَكُونُوا ليجيزوا استخدامهم أَو توليتهم أَي عمل وَكَانُوا يَقُولُونَ هَؤُلَاءِ على مَذْهَب الديالمة وَمن أتباعهم فَإِن يوطدوا أَقْدَامهم يلْحقُوا بالأتراك الضَّرَر ويحيقوا بِالنَّاسِ الْأَذَى إِنَّه لمن الْخَيْر إِلَّا يكون للأعداء وجود بَين ظهرانينا وَلَا جرم فِي أَنهم كَانُوا يعيشون فِي منأى عَن المصائب ولامتاعب والافات لَكِن الْأُمُور وصلت الان إِلَى حد انبثوا فِيهِ فِي البلاط والديوان بِكَثْرَة حَتَّى أَنه ليجري وَرَاء كل تركي مِائَتَان مِنْهُم لقد تدبروا

اسم الکتاب : سياست نامه = سير الملوك المؤلف : نظام الملك    الجزء : 1  صفحة : 202
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست