responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 101
تَجِبُ هُنَا؛ لِتَجَدُّدِ مَا يُوجِبُهَا مِنْ الشَّكِّ فِي بَقَاءِ الدَّيْنِ.
(قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ) : وَشَرْطُ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ بِقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ - يَمِينُهُ عَلَى بَقَاءِ دَيْنِهِ إلَى حِينِ الْحُكْمِ لَهُ بِذَلِكَ.
(قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ) : هَذِهِ الْيَمِينُ لَا نَصَّ عَلَى وُجُوبِهَا لِعَدَمِ الدَّعْوَى بِمَا يُوجِبُهَا إلَّا أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ رَأَوْهَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْسَانِ احْتِيَاطًا لِلْغَائِبِ وَحِفْظًا عَلَى مَالِهِ لِلشَّكِّ فِي بَقَاءِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ أَوْ سُقُوطِهِ عَنْهُ.
(وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) يَحْلِفُ بِحَيْثُ يَجِبُ الْحَلِفُ قَائِمًا، مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، مَا قَبَضْت مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ شَيْئًا مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي ثَبَتَ لِي عَلَيْهِ عِنْدَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ صَاحِبِ أَحْكَامِ كَذَا، وَلَا قَبَضْت عَنْهُ شَيْئًا، وَلَا اسْتَحَلْت عَلَى أَحَدٍ، وَلَا أَحَلْت بِهِ أَحَدًا، وَلَا وَهَبْتُهُ لَهُ، وَلَا شَيْئًا مِنْهُ، وَلَا قَدَّمْت أَحَدًا يَقْتَضِيهِ مِنْهُ وَإِنَّهُ لِبَاقٍ عَلَيْهِ إلَى يَمِينِي هَذِهِ.
(وَأَمَّا) الْمَيِّتُ وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ مَا دَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِصِفَتِهِ فَإِنَّهُمْ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ بِالدُّيُونِ إلَّا بَعْدَ اسْتِحْلَافِ الطَّالِبِ لَهُمْ؛ لِكَوْنِ الْمَيِّتِ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَدَّعِيَ قَضَاءَ الدَّيْنِ، وَكَذَا الصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ مَا دَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصِفَتِهِ صَحَّ مِنْ الشَّارِحِ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ الطَّالِبُ هَذِهِ الْيَمِينَ وَتَأَخَّرَ اقْتِضَاؤُهُ مُدَّةً طَوِيلَةً لِجَمِيعِ مَالِ الْغَائِبِ، وَبَيْعِ عَقَارِهِ لِاحْتِمَالِ سُقُوطِ الدَّيْنِ فَتُعَادُ الْيَمِينُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَدِينُ حَاضِرًا وَادَّعَى ذَلِكَ عَلَى الطَّالِبِ فَأَحْلَفَهُ ثُمَّ تَأَخَّرَ تَنْفِيذُ الْقَضَاءِ لِطُولِ بَيْعِ رَبْعِهِ، ثُمَّ ادَّعَى الطَّالِبُ مِثْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُحَلِّفُهُ ثَانِيًا إلَى أَنْ قَالَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا تُعَادُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَلَا يُشْبِهُ هَذَا إذَا كَانَ حَاضِرًا فَادَّعَى أَنَّهُ قَضَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ وَاجِبَةٌ بِنَصِّ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» بِخِلَافِ الْيَمِينِ لِلْغَائِبِ فَلَا نَصَّ عَلَى وُجُوبِهَا. اهـ.
وَإِلَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إنَّهُ لَوْ حَلَفَ الطَّالِبُ هَذِهِ الْيَمِينَ إلَخْ، أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ:
وَلَا تُعَادُ هَذِهِ الْيَمِينُ
الْبَيْتَ ثُمَّ نَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مَا نَصُّهُ " وَلَوْ تَأَخَّرَ الْقَضَاءُ بَعْدَ يَمِينِهِ إلَى أَنْ جَاءَ الْغَائِبُ فَأَقَامَ مَعَهُ مُدَّةً، ثُمَّ غَابَ لَوَجَبَ أَنْ لَا يُقْضَى حَقُّهُ حَتَّى يَحْلِفَ ثَانِيَةً؛ لِأَنَّ الشَّكَّ هُنَا حَاصِلٌ كَمَا كَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَالدَّيْنُ الْمُنَجَّمُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى كُلِّ نَجْمٍ إلَّا أَنْ يَقْدَمَ الْغَائِبُ فِي خِلَالِهِ، أَوْ تَبْعُدُ النُّجُومُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنَّهُ يُعَدُّ قَبْضُهُ النَّجْمَ الْأَوَّلَ مَضَى فَاقْتَضَى النَّجْمَ الثَّانِيَ، أَوْ وَكَّلَ مَنْ اقْتَضَاهُ وَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ حَلِفِهِ ثَانِيَةً إذَا حَلَفَ مَعَ شَاهِدٍ لَهُ بِحَقٍّ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَاتٍ، وَقَالَ السَّائِلُ لَهُ عِيَاضٌ (قَالَ ابْنُ عَاتٍ) : وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ قَبْلَ بَيْعِ رَبْعِ الْغَائِبِ، (قَالَ الشَّارِحُ) : وَقَدْ كُنْت نَظَرْت فِي مَسْأَلَةِ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ بِالظَّنِّ وَهِيَ يَمِينُ التُّهْمَةِ، وَمَسْأَلَةِ تَوَجُّهِ يَمِينِ الْقَضَاءِ نَظَرًا اقْتَضَى أَنْ قَيَّدْتُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَا نَصُّهُ اُنْظُرْهُ فِيهِ إنْ شِئْت، وَلَوْ أَرَادَ النَّاظِمُ التَّنْبِيهَ عَلَى مَسْأَلَةِ ابْنِ رُشْدٍ: وَلَوْ تَأَخَّرَ الْقَضَاءُ بَعْدَ يَمِينِهِ إلَى أَنْ جَاءَ الْغَائِبُ إلَخْ، لَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ: " وَلَا تُعَادُ هَذِهِ الْيَمِينُ " الْبَيْتَ فَقَالَ مَثَلًا:
إلَّا إذَا مَا حَدَثَ الشَّكُّ الَّذِي ... أَوْجَبَهَا مِنْ أَوَّلَ فَلْتَحْتَذِي
وَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَلَا تُعَادُ إلَخْ. .
وَلِلْيَمِينِ أَيُّمَا إعْمَالِ ... فِيمَا يَكُونُ مِنْ دَعَاوَى الْمَالِ
إلَّا بِمَا عُدَّ مِنْ التَّبَرُّعِ ... مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْحَالِ عِنْدَ الْمُدَّعِي
وَفِي الْإِقَامَةِ ابْنُ عَتَّابٍ يَرَى ... وُجُوبَهَا لِشُبْهَةٍ مُعْتَبَرَا
وَهَذِهِ الْيَمِينُ حَيْثُ تُوجَبُ ... يَسُوغُ قَلْبُهَا وَمَا إنْ تُقْلَبُ
هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الْيَمِينِ وَهِيَ يَمِينُ الْمُنْكِرِ، فَأَخْبَرَ أَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ لَهَا عَمَلٌ، وَأَثَرٌ فِي دَعَاوَى الْمَالِ مِمَّا يَقْتَضِي عِمَارَةَ ذِمَّةٍ بَرِيَّةٍ، أَوْ بَرَاءَةَ ذِمَّةٍ مَعْمُورَةٍ فَتَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمَطْلُوبِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى الطَّالِبِ فِي الثَّانِي وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ دَعْوَى الْمَالِ دَعْوَى التَّبَرُّعِ، وَأَنَّهَا لَا تُوجِبُ يَمِينًا وَذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ الْإِنْسَانُ عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ وَهَبَهُ شَيْئًا، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ مَالِكُ ذَلِكَ الشَّيْءِ أَنْ يَكُونَ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ

اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 101
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست