اسم الکتاب : الشورى فريضة إسلامية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 25
وهذه الآية تضع قاعدة هامَّة في بناء الدَّولة حينما تكون في مرحلة التكوين والإعداد، وكيف ينبغي ألا تظهر بمظهر اللَّين، حتى تُرْهب من قِتَلِ أعدائها وفي سبيل هذه الكلية يُطرح الاهتمام بالجزئيَّات - حتى ولو كانت الحاجة ملحة إليها [1].
وقد أفادت الرواية أن القول الذي أخذ به رسول الله صلى الله عليه وسلم - هو الفدية - وكان رأي أبي بكر رضي الله عنه، وأوضحت الرواية أن أكثر الصحابة كانوا عليه ولذلك قال: أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة.
فالرسول صلى الله عليه وسلم قد أخذ في هذه النازلة برأي الأغلبية من أصحابه، ولذلك جاء اللوم عاماً من الله تعالى: "لَّوْلاَ كِتَابٌ ... مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " (الأنفال، آية: 67 - 69).
في قوله " تريدون" للفريق الذين أشاروا بأخذ الفداء وفيه إشارة إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير معاتب، لأنه أخذ برأي الجمهور [2]، وروي أن ذلك كان رغبة أكثرهم [3] واللوم الذي وجهه الله تعالى للصحابة لم يكن بسبب الرأي الذي أشاروا به في حد ذاته ولكن بسبب الدافع الذي وراءه وهو الكسب الدنيوي الذاتي "تريدون عرض الدنيا" ولذلك لا يدخل فيه منهم إلا من تحكمت هذه الرغبة في الرأي الذي أشار به [4]. [1] من معين السيرة، صالح الشامي ص 209. [2] التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور (10/ 75). [3] الشورى في معركة البناء ص 88. [4] المصدر نفسه ص 900.
اسم الکتاب : الشورى فريضة إسلامية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 25