اسم الکتاب : الشورى فريضة إسلامية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 24
إن هذه النفسية الرّفيعة، عرفت أصول المشورة، وأصول إبداء الرّأي، وأدركت مفهوم السمَّع والطاعة، ومفهوم المناقشة، ومفهوم عرض الرّأي المعارض لرأي سيَّد ولد آدم صلى الله عليه وسلم.
وتبدو عظمة القيادة النبوية من استماعها للخطة الجديدة، وتبني الخطة المطروحة من جندي من جنودها، أو قائد من قّوادها [1].
ج- مشاورته صلى الله عليه وسلم في أسرى بدر:
قال ابن عباس رضي الله عنه: فلمّا أسروا الأسارى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما: ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا نبيَّ الله؛ هم بنو العَّم، والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية، فتكون لنا قّوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم إلى الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ترى يا بن الخطاب؟ قال: لا والله يا رسول الله ما أرى الذي يراه أبو بكر ولكنيَّ أرى أن تُمَكِنَّا منهم، فنضرب أعناقهم، فتمكَّنٍ عليَّاً من عقيل، فيضرب عنقه، وتمكنيَ من فلان "نسيباً لعمر" فأضرب عنقه، فإنّ هؤلاء أئمّة الكفر، وصناديدها، فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر، ولم يَهْوَ ما قلت فلمَّا كان من الغد جئت، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر قاعدان يبكيان، قلت: يا رسول الله أخبرني من أيَّ شيء تبكي أنت وصاحبُك، فإن وجدت بكاءً، بكيت، وإن لم أجد بكاء، تباكيت لبكائكما؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبكي للذي عرض عليَّ أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض عليَّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة. شجرة قريبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل عز وجلّ: "مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " (الأنفال، آية: 67 - 68) [2]. [1] التربية القيادية لمنير الغضبان (3/ 31). [2] صحيح مسلم رقم 1763.
اسم الکتاب : الشورى فريضة إسلامية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 24