اسم الکتاب : الشورى فريضة إسلامية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 205
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم سياسياً محنكاً في إعطاء الحرية للمسلمين وغير المسلمين من خلال دستور جامع لكل المواطنين عندما أراد استيعاب اليهود كسكان للمدينة المنورة تحت رايته وحكمه, ولم ينشأ صلى الله عليه وسلم اتخاذ سياسة الاستئصال أو التطهير الديني ضد غير المسلمين, بل كان نهجه إعطاء هامش أوسع للحريات الدينية [1] دلت الصحيفة بوضوح, وجلاء على عبقرية الرّسول صلى الله علية وسلم في صياغة موادِّها وتحديد علاقات الأطراف بعضها ببعض , فقد كانت موادُّها مترابطة , وشاملة وتصلح لعلاج الأوضاع في المدينة آنذاك، وفيها من القواعد والمبادئ ما يحقق العدالة المطلقة، والمساواة التامة بين البشر, وأن يتمتع بنو الإنسان على اختلاف ألوانهم، ولغاتهم، وأديانهم، بالحقوق والحّريات بأنواعها [2].
ولا تزال المبادئ التي تضمنَّها الدستور- في جملتها - معمولا بها والأغلب أنًّها ستظل كذلك في مختلف نُظم الحكم المعروفة إلى اليوم ... وصل إليها الناس بعد قرون من تقريرها , في أول وثيقة سياسيَّة دوّنها الرّسول صلى الله عليه وسلم [3] فقد أعلنت الصَّحيفة: أن الحريات مصونة , كحرية العقيدة والعبادة , وحق الأمن ... الخ, فحرية الدين مكفولة: للمسلمين دينهم، ولليهود دينهم وقد أنذرت الصَّحيفة بإنزال الوعيد، وإهلاك من يخالف هذا المبدأ، أو يكسر هذه القاعدة , وقد نصَّت الوثيقة على تحقيق العدالة بين الناس وعلى تحقيق مبدأ المساواة [4]. [1] - المصدر نفسه ص 331. [2] - دولة الرسول من التكوين إلى التمكين ص 420. [3] - النظام السياسي لأبي فارس ص 65. [4] - السيرة النبوية للصَّلاًّبي (1\ 575).
اسم الکتاب : الشورى فريضة إسلامية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 205