اسم الکتاب : الطرق السلمية في تغير الحاكم الفاسد المؤلف : يحيى بن علي جغمان الجزء : 1 صفحة : 23
فرعون للألوهية, فهو يريد أنه المشرع الأعلى وأنه وحده الذي يطاع وأن أوامره فوق كل أمر أي تماماً كما يفعل طغاة اليوم, وكما يقول بعضهم أنا الدستور وأنا النظام وليس مقصوده أنه إله الكون، فهذا لو ادعاه لا يصدقه عليه أحد, بل إن فرعون وقومهم كانوا من الوثنيين المشركين عبدة الأصنام، وكان مجلس الشورى يطالب فرعون بحماية دينهم {وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [1] , ولاحظ كلمة " َآلِهَتَكَ ", فهو يعبد الأصنام مثل قومه, إنه منطق الطغاة المستبدين في كل زمان ومكان.
لقد كان فرعون يتظاهر بالديمقراطية أول الأمر كما يتظاهر بها فراعنة الحكام اليوم، كان ديمقراطياً يناقش الحجج ويقول: {قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [2]، ويطلب من خصمه المناظرة أمام سائر الناس {فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ ولا أَنتَ مَكَانًا سُوًى} [3] , ولكن حين بدأ التغير يطال نظامه تغير منطقه وتبدلت أفعاله, فليس هناك نظام يفرط في هيكله ويرضى الانقلاب عليه فقط لأن الشعب أراد ذلك, هذه حقيقة لا يغفل عنها إلا السذج. [1] سورة الأعراف: الآية: 127. [2] سورة الأعراف: الآية: 106. [3] سورة طه: الآية: 58.
اسم الکتاب : الطرق السلمية في تغير الحاكم الفاسد المؤلف : يحيى بن علي جغمان الجزء : 1 صفحة : 23