اسم الکتاب : الطرق السلمية في تغير الحاكم الفاسد المؤلف : يحيى بن علي جغمان الجزء : 1 صفحة : 14
ولما كان سلف الأمة من الخلفاء الراشدين على قدر كبير من التقوى والورع والاستقامة، فإننا لم نجد هنالك ضرورة لتقييد مدة خلافتهم، بل جرت الأمور على أن يكونوا خلفاء ما داموا على الصراط المستقيم.
والذي يبدو أنه ليس في الشرع ما يمنع من تحديد مدته، كما هو الحال عليه في أيامنا هذه من اتفاق الحاكم والمحكوم على ذالك (كما يحدده الدستور) فإن هذه المسألة اجتهادية فرعية من القضايا الاجتهادية، التي يترك للمسلمين فيها تقرير ما يرونه مناسباً وفقاً لظروفهم الخاصة، كما أنه لا يمنع من عزله إذا بدر منه خلال هذه المدة ما يوجب عزله.
لأن العقد مع الحاكم عقد وكالة، وهي لا تستلزم التأبيد إن لم تكن تستدعي الانتهاء, "ولأنه وكيل للمسلمين, وللوكيل عزل نفسه [1].
فالوكالة "تفويض أحد في شغل لآخر وإقامته مقامه في ذلك الشغل" [2].
على مذهب القائلين بأن الخلافة وكالة, كالماوردي من الشافعية، فقد قال: "فعلى كافة الأمة تفويض الأمور إليه، من غير افتيات عليه ولا معارضة، ليقوم بما وكل إليه من وجوه المصالح وتدبير الأعمال" [3].
وهو مذهب القاضي أبي يعلى من الحنابلة [4]، والقرطبي من المالكية قال القرطبي- رحمه الله-: [1] أبو يعلي محمد بن الحسين الفراء: المعتمد في أصول الدين ص (240). [2] علي حيدر: دور الحكام شرح مجلة الأحكام، الكتاب الحادي عشر, بيروت: مكتبة النهضة، تعريب المحامي فهمي الحسيني، ص (15). [3] الماوردي: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (10/ 310). [4] المصدر السابق (10/ 310).
اسم الکتاب : الطرق السلمية في تغير الحاكم الفاسد المؤلف : يحيى بن علي جغمان الجزء : 1 صفحة : 14