فهذا مدح من النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر في حضوره، و"فيه من الفقه: أنه يجوز الثناء على الناس بما فيهم على وجه الإعلام بصفاتهم، لتُعرف لهم سابقتُهم وتقدمُهم في الفضل، فينزلوا منازلهم، ويُقدَّموا على من لايساويهم، ويُقتدى بهم في الخير، ولو لم يجز وصفُهم بالخير والثناءُ عليهم بأحوالهم لم يُعلم أهل الفضل من غيرهم، ألا ترى أن النبي عليه السلام خص أصحابه بخواص من الفضائل بانُوا بها عن سائر الناس وعُرفوا بها إلى يوم القيامة " [1].
ومدح النبي - صلى الله عليه وسلم - عمر بن الخطاب في حضوره فقال: «ما رآك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك» [2]، "وهذا من جملة المدح، لكنه لما كان صدقاً محضاً وكان الممدوح يؤمن معه الإعجاب والكبر مدح به، ولا يدخل ذلك في المنع، ومن جملة ذلك الأحاديثُ المتقدمة في مناقب الصحابة ووصف كل واحد منهم بما وصِف به من الأوصاف الجميلة" [3]. [1] شرح ابن بطال (9/ 255). [2] أخرجه البخاري ح (3683)، ومسلم ح (2397). [3] فتح الباري، ابن حجر (10/ 479).