كما صنعه النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة أخرى حين حاول الإصلاح بين مغيث وزوجته السابقة بَريرة، فقد فارقته، وكان يحبها.
يقول ابن عباس: كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي، ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للعباس: «يا عباسُ، ألا تعجب من حب مُغيثٍ بريرةَ، ومن بغضِ بريرةَ مُغيثاً؟!».
وقد رفِق النبي - صلى الله عليه وسلم - بمغيثٍ، فذهب إلى بريرة يشفع لزوجها عندها، لعلها ترجعُ إليه، فذهب إليها وقال لها: «لو راجعتِه» فقالت بريرة: يا رسول الله تأمرني؟ فأجابها - صلى الله عليه وسلم -: «إنما أنا أشفع». فقالت: لا حاجة لي فيه [1].
ولأهمية الإصلاح بين الناس، أجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - الكذب بين المتخاصمين بقصد الإصلاح، كأن يذكر على لسان أحد المتخاصمَين مدحاً لخصمه وثناء عليه، من غير أن يكون هذا قوله حقيقة، قال - صلى الله عليه وسلم -: «ليس بالكاذب من أصلح بين الناس، فقال خيراً، أو نَمَى خيراً» [2].
تقول أم كلثوم بنت عقبة: (ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: الرجل يقول القول [1] أخرجه البخاري ح (5283). [2] أخرجه الترمذي ح (1938).