اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 852
وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90].
فارتفع القوم وخلا بعضهم ببعض، فقال عبد ياليل: ويحكم! نرجع إلى قومنا بتحريم هذه الخصال الثلاث! والله والله لا تصبر ثقيف عن الخمر أبدا، ولا عن الزنا أبدا.
قال سفيان بن عبد الله: أيها الرجل، إن يرد الله بها خيرا تصبر عنها، قد كان هؤلاء الذين معه على مثل هذا، فصبروا وتركوا ما كانوا عليه، مع أنا نخاف هذا الرجل، قد أوطأ الأرض غلبة ونحن في حصن في ناحية من الأرض, والإسلام حولنا فاش، والله لو قام على حصننا شهرا لمتنا جوعا، وما أرى إلا الإسلام وأنا أخاف يوما مثل يوم مكة.
وكان خالد بن سعيد بن العاص هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كتبوا الكتاب، كان خالد هو الذي كتبه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل إليهم الطعام فلا يأكلون منه شيئًا حتى يأكل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسلموا.
قالوا: أرأيت الرَّبَّة، ما ترى فيها؟ قال: «هدمها».
قالوا: هيهات لو تعلم الربة أنا أوضعنا هدمها [1] قتلت أهلنا، قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: ويحك يا عبد ياليل, إن الربة حجر لا يدري من عبده ممن لا يعبده، قال عبد ياليل: إنا لم نأتك يا عمر, فأسلموا وكمل الصلح، وكتب ذلك الكتاب خالد بن سعيد، فلما كمل الصلح كلموا النبي صلى الله عليه وسلم يدع الربة ثلاث سنين لا يهدمها, فأبى, قالوا: سنتين، فأبى، قالوا: سنة, فأبى، قالوا: شهرًا واحدًا، فأبى أن يوقت لهم وقتًا وإنما يريدون بترك الربة لما يخافون من سفهائهم والنساء والصبيان، وكرهوا أن يروعوا قومهم بهدمها، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يعفيهم من هدمها [2] فوافق رسول الله صلى الله عليه وسلم على طلبهم ذلك، وسألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يعفيهم من الصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا خير في دين لا صلاة فيه» [3].
لقد طلب وفد ثقيف أن يعفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض الفرائض وأن يحلل لهم بعض المحرمات إلا أنهم فشلوا في طلباتهم وخضعوا للأمر الواقع [4].
وقد أكرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وفادتهم وأحسن ضيافتهم في قدومهم وإقامتهم وعند سفرهم، وأمرَّ صلى الله عليه وسلم عثمان بن أبي العاص على الطائف، فقد كان أحرصهم على تعلم القرآن والتفقه في الدين، وكان أصغرهم سنًا [5] , ولقد تأثر الوفد من معاملة النبي صلى الله عليه وسلم ومن اختلاطهم بالمسلمين [1] أي: أسرعنا السير في السفر. [2] انظر: المغازي للواقدي (3/ 968). [3] انظر: التاريخ الإسلامي للحميدي (8/ 50) , المغازي للواقدي (3/ 968). [4] انظر: المجتمع المدني في عهد النبوة، ص221 - 223. [5] انظر: السيرة النبوية الصحيحة (2/ 519).
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 852