responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 842
يومئذ، واستعرت ثوبين فلبستهما، وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتلقاني الناس فوجا فوجا [1]،يهنئونني بالتوبة ويقولون: لتهنأك توبة الله عليك حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد، حوله الناس فقام طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني, والله ما قام رجل من المهاجرين غيره، قال: فكان كعب لا ينساها لطلحة, قال كعب: فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يبرق وجهه من السرور: «أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك» قال: قلت: أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله؟ فقال: «لا, بل من عند الله» وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرّ استنار وجهه كأنه قطعة قمر قال: وكنا نعرف ذلك قال: فلما جلست بين يديه قلت: يا رسول الله, إن من توبتي أن أنخلع [2] من مالي صدقة إلى الله وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك» قال: فقلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر قال: وقلت: يا رسول الله, إن الله إنما أنجاني بالصدق، وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقًا ما بقيت, فوالله ما علمت أن أحدًا من المسلمين أبلاه [3] الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا، أحسن مما أبلاني الله به، والله ما تعمدت كذبة منذ قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي، قال: فأنزل الله عز وجل: (لَقَد تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ - وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إذا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [التوبة: 117 - 118] حتى بلغ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119].
قال كعب: والله ما أنعم الله علي من نعمة -قط- بعد إذ هداني للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا، فإن الله قال للذين كذبوا الله حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد، قال الله: (سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إذا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ - يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) [التوبة: 95 - 96].
قال كعب: وكنا تخلفنا -أيها الثلاثة- عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له، فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى الله فيه, فبذلك قال الله عز وجل: (وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إذا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ

[1] فوجا فوجا: الفوج الجماعة.
[2] أنخلع من مالي: أتصدق به ..
[3] أبلاه الله: أنعم عليه ..
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 842
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست