responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 841
مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة، -وهو ابن عمي, وأحب الناس إلي- فسلمت عليه, فوالله ما رد عليَّ السلام، فقلت له: يا أبا قتادة, أنشدك بالله (1)
هل تعلم أني أحب الله ورسوله؟ قال: فسكت، فعدت فناشدته فسكت، فعدت فناشدته فقال: الله ورسوله أعلم، ففاضت عيناي، وتوليت حتى تسورت الجدار، فبينما أنا أمشي في سوق المدينة، إذا نبطي من نبط أهل الشام [2] ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدل على كعب بن مالك؟ فطفق الناس يشيرون له إلي، حتى جاءني فدفع إليَّ كتابًا من ملك غسان، وكنت كاتبا، فقرأته فإذا فيه: أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة [3] فالحقْ بنا نو فقلت حين قرأتها: وهذا أيضا من البلاء فتيممت [4] بها التنور، فسجرتها [5] به حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك، فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: لا, بل اعتزلها فلا تقربنها، قال: فأرسل إلى صاحبي بمثل هذا.
قال: فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر، قال: فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله، فقالت له: يا رسول الله, إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم، فهل تكره أن أخدمه؟ قال: لا، ولكن لا يقربنك, فقالت: إنه -والله- ما به حركة إلى شيء، والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا. فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك؟ فقد أذن لامرأة هلال ابن أمية أن تخدمه، قال فقلت: لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدريني ماذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنته فيها، وأنا رجل شاب، قال فلبثت بذلك عشر ليالٍ، فكمل لنا خمسون ليلة على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله عز وجل منا، قد ضاقت علىَّ نفسي وضاقت عليَّ الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ أوفى على سلع [6] يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك, أبشر. قال: فخررت ساجدًا، وعرفت أن قد جاء فرج، قال: فآذن [7] رسول الله صلى الله عليه وسلم توبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر، فذهب الناس يبشروننا, فذهب قبل صاحبي مبشرون وركض رجل إليَّ فرسًا، وسعى ساع من أسلم قبلي، وأوفى الجبل فكان الصوت أسرع من الفرس, فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبيَّ فكسوته إياهما ببشارته، والله ما أملك غيرهما

(1) أنشدك بالله: أسألك بالله.
[2] نبط أهل الشام: فلاحو العجم ..
[3] مضيعة: يعني أنك لست بأرض يضيع فيها حقك.
[4] فتياممت: تيممت: قصدت.
[5] فسجرتها: أحرقتها.
[6] أوفى على سلع: صعده وارتفع عليه، وسلع: جبل بالمدينة معروف.
[7] فآذن الناس: أي أعلمهم.
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 841
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست