responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 761
فإن أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
لساني صارم لا عيب فيه ... وبحري لا تكدره الدلاء (1)

ومما يؤيد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على دخوله من كداء ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح رأى النساء يلطمن وجوه الخيل بالخمر [2]؛ فتبسم إلى أبي بكر فقال: «يا أبا بكر, كيف قال حسان؟» فأنشده قوله:
تظل جيادنا متمطرات ... تلطمهن بالخُمُر النساء (3)

ثانيًا: دخول خاشع متواضع، لا دخول فاتح متعالٍ:
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحرام [4] , وهو واضع رأسه تواضعًا لله، حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، حتى إن ذقنه ليكاد يمس واسطة الرحل، ودخل وهو يقرأ سورة الفتح مستشعرًا بنعمة الفتح وغفران الذنوب، وإفاضة النصر العزيز [5] , وعندما دخل مكة فاتحًا -وهي قلب جزيرة العرب ومركزها الروحي والسياسي- رفع كل شعار من شعائر العدل والمساواة، والتواضع والخضوع، فأردف أسامة بن زيد -وهو ابن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم- ولم يردف أحدا من أبناء بني هاشم وأبناء أشراف قريش وهم كثير، وكان ذلك صبح يوم الجمعة لعشرين ليلة خلت من رمضان، سنة ثمانٍ من الهجرة [6].
يقول محمد الغزالي في وصف دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة:
على حين كان الجيش الزاحف يتقدم ورسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته تتوج هامته عمامة دسماء، ورأسه خفيض من شدة التخشع لله، لقد انحنى على رحله وبدا عليه التواضع الجمّ .. إن الموكب الفخم المهيب الذي ينساب به حثيثا إلى جوف الحرم، والفيلق الدارع الذي يحف به ينتظر إشارة منه فلا يبقى بمكة شيء آمن، إن هذا الفتح المبين ليذكره بماض طويل الفصول: كيف خرج مطاردًا؟ وكيف يعود اليوم منصورًا مؤيدًا؟ وأي كرامة عظمى حفه الله بها هذا الصباح الميمون؟ وكلما استشعر هذه النعماء ازداد لله على راحلته خشوعًا وانحناء ... [7].
هذا وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تأمين الجبهة الداخلية في مكة عند دخوله يوم الفتح؛ ولذلك عندما بلغته مقولة سعد بن عبادة لأبي سفيان: اليوم يوم الملحمة، اليوم نستحل الكعبة, قال صلى الله عليه وسلم:

(1) انظر: البداية والنهاية (4/ 309).
[2] الخمر جمع خمار، مأخوذ من الخمر وهو الستر وهو ما تستر به النساء وجوههن.
(3) انظر: مغازي الواقدي (2/ 831).
[4] مسلم رقم 1358.
[5] انظر: صور وعبر من الجهاد النبوي في المدينة، ص396.
[6] انظر: السيرة النبوية لأبي الحسن الندوي، ص337.
[7] انظر: فقه السيرة للغزالي، ص379، 380.
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 761
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست