اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 647
عيينة بن حصن الفزاري في خيل لغطفان كان عددها أربعين على لقاح (الإبل الحوامل ذوات الألبان) لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالغابة، وقتلوا ذر بن أبي ذر الغفاري، وأسروا زوجته ليلى، واستاقوا الإبل التي كان عددها عشرين, ولما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بخبر عيينة، خرج في خمسمائة من أصحابه في إثره، بعد أن استخلف سعد بن عبادة في ثلاثمائة من قومه يحرسون المدينة [1].
وعند جبل ذي قرد [2] أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم العدو، فقتل بعض أفراده واستنقذ الإبل [3].
وقد أبدى سلمة بن الأكوع في هذه المعركة بطولة نادرة وخاصة قبل وصول كتيبة الفرسان النبوية، حيث كان من ضمن الرعاة في منطقة الغابة، وظل بمفرده يشاغل المغيرين ويراميهم بالنبل، وكان من أعظم الرماة في عصره، وقد استخلص مجموعة من الإبل المنهوبة قبل قدوم كتيبة الفرسان [4].
أما المرأة التي أسرها المغيرون من غطفان وهي زوجة ابن أبي ذر الذي قتله المشركون أثناء الغارة في الغابة، فقد عادت سالمة إلى المدينة بعد أن تمكنت من الإفلات من القوم على ظهر ناقة تابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نذرت إن نجاها الله عز وجل لتنحرن تلك الناقة، فلما أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم عن نذرها تبسم وقال: «بئسما جزيتِها» (أي أنها حملتك ونجت بك من الأعداء فيكون جزاؤها النحر) ثم قال لها صلى الله عليه وسلم: «لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا تملكين» [5].
وقد عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد أن أمضى خمس ليالٍ خارجها [6].
وهذه الغزوة من أكبر الغزوات التأديبية التي قادها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ضد أعراب نجد بعد غزوة الأحزاب وبني قريظة وقبل غزوة خيبر [7]، وتتابعت سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد غزوة ذي قرد لتأديب المشركين فنجحت بعض هذه السرايا، وتعثر بعضها الآخر، وكان أبرزها سرية عكاشة بن محصن الأسدي التي عرفت بسرية الغمر [8] , وقد بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول سنة ست من الهجرة، إلى بني أسد، فوصلت إلى موضع يقال له الغمر، فوجدت القوم قد هربوا وتفرقوا في الجبال القريبة, فأغار عكاشة وأصحابه على نعم لهم فغنموا مائتي [1] انظر: عيون الأثر، ابن سيد الناس (2/ 72، 73). [2] ذو قرد: ماء على نحو بريد من المدينة مما يلي غطفان. [3] انظر: التاريخ السياسي والعسكري، ص327. [4] انظر: صلح الحديبية، ص43. [5] انظر: صلح الحديبية، ص45. [6] انظر: التاريخ السياسي والعسكري، ص327. [7] انظر: صلح الحديبية، ص45. [8] الغمر: ماء لبني أسد على ليلتين من فيد الذي هو قلعة بطريق مكة.
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 647