responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 603
عند اشتداد البلاء [1] , وقبل عقد الصلح مع غطفان شاور رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة في هذا الامر، فكان رأيهم في عدم إعطاء غطفان شيئًا من ثمار المدينة وقال السعدان -سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة-: يا رسول الله أمرًا تحبه، فنصنعه، أم شيئًا أمرك الله به لا بد لنا من العمل به، أم شيئا تصنعه لنا؟ فقال: «بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لأني رأيت العرب رمتكم عن قوس واحدة, وكالبوكم من كل جانب، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما» فقال له سعد بن معاذ: يا رسول الله قد كنا وهؤلاء على الشرك بالله وعبادة الأوثان، لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة واحدة إلا قرى أو بيعًا، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه، نعطيهم أموالنا؟ ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف، حتى يحكم الله بيننا وبينهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت وذاك».
فتناول سعد بن معاذ الصحيفة، فمحا ما فيها من الكتاب، ثم قال: ليجهدوا علينا [2]. كان رد زعيمي الأنصار سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة في غاية الاستسلام لله تعالى والأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته، فقد جعلوا أمر المفاوضة مع غطفان ثلاثة أقسام:
الأول: أن يكون هذا الأمر من عند الله تعالى فلا مجال لإبداء الرأي بل لا بد من التسليم والرضا.
والثاني: أن يكون شيئًا يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، باعتباره رأيه الخاص، فرأيه مقدم وله الطاعة في ذلك.
الثالث: أن يكون شيئًا عمله الرسول صلى الله عليه وسلم لمصلحة المسلمين من باب الإرفاق بهم، فهذا هو الذي يكون مجالا للرأي.
ولما تبين للسعدين من جواب الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أراد القسم الثالث, أجاب سعد بن معاذ بجواب قوي كبت به زعيمي غطفان حيث بين أن الأنصار لم يذلوا لأولئك المعتدين في الجاهلية, فكيف وقد أعزهم الله تعالى بالإسلام، وقد أعجب النبي صلى الله عليه وسلم بجواب سعد, وتبين له منه ارتفاع معنوية الأنصار واحتفاظهم بالروح المعنوية العالية، فألغى بذلك ما بدأ به من الصلح مع غطفان [3].
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «إني قد علمت أن العرب قد رمتكم عن قوس واحدة» [4] دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستهدف من عمله ألا يجتمع الأعداء عليه صفًّا واحدًا, وهذا يرشد المسلمين إلى عدة أمور منها:
* أن يحاول المسلمون التفتيش عن ثغرات القوى المعادية.

[1] انظر: محمد رسول الله، صادق عرجون (4/ 176).
[2] انظر: البداية والنهاية (4/ 106).
[3] انظر: التاريخ الإسلامي للحميدي (6/ 125).
[4] انظر: البداية والنهاية (4/ 106).
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 603
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست