اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 273
قريش [1]، وفي الطريق إلى المدينة مر النبي صلى الله عليه وسلم بأم معبد [2] في قديد [3] حيث مساكن خزاعة، وهي أخت خنيس بن خالد الخزاعي الذي روى قصتها، وهي قصة تناقلها الرواة وأصحاب السير، وقال عنها ابن كثير: «وقصتها مشهورة مروية من طرق يشد بعضها بعضا» [4]، فعن خالد بن خنيس الخزاعي - رضي الله عنه - صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من مكة، وخرج منها مهاجراً إلى المدينة، هو وأبو بكر - رضي الله عنه - ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة - رضي الله عنه - ودليلهما الليثي عبد الله بن الأريقط، مروا على خيمتي أم معبد الخزاعية، وكانت برزة [5] جلدة [6] تحتبي (7)
بفناء القبة ثم تسقي وتطعم، فسألوهما لحماً وتمراً، ليشتروه منها، فلم يصيبوا عندها شيئاً من ذلك، وكان القوم مُرْمِلين [8] مسنتين [9] فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة [10] فقال: «ما هذه الشاة يا أم معبد؟» قالت: خلفها الجهد عن الغنم، قال: «فهل بها من لبن؟» قالت: هي أجهد من ذلك، قال: «أتأذنين أن أحلبها؟» قالت: بلى بأبي أنت وأمي، نعم، إن رأيت بها حلباً فاحلبها.
فدعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح بيده ضرعها، وسمى الله عز وجل، ودعا لها في شاتها، فتفاجت [11] عليه، ودرت [12] واجترت [13] ودعا بإناء يُرْبِض [14] الرهط، فحلب فيها ثجا [15] حتى علاه البهاء [16] ثم سقاها حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا، وشرب آخرهم صلى الله عليه وسلم ثم أراضوا [17]، ثم حلب فيها ثانياً بعد بدء حتى ملأ الإناء، ثم غادره عندها، ثم بايعها، وارتحلوا عنها. [1] انظر: المستفاد من قصص القرآن (2/ 101). [2] هي عاتكة بنت كعب الخزاعية. [3] وادي قديد: يبعد عن الطريق المعبدة حوالي ثمانين ميلاً. [4] البداية والنهاية (3/ 188). [5] برزة: كهلة كبيرة السن، لا تحتجب احتجاب الشواب. [6] جلدة: قوية صلبة وقيل عاقلة.
(7) تحتبي: أي تجلس وتضم يديها إحداهما إلى الأخرى، على ركبتيها، وتلك جلسة الأعراب .. [8] مرملين: نفذ زادهم. [9] مسنتين: أي داخلين في أسَنَة وهي الجدب والمجاعة والقحط. [10] كسر الخيمة: بفتح الكاف وكسرها، وسكون المهملة: أي جانبها. [11] تفاجت: فتحت ما بين رجليها للحلب. [12] درت: أرسلت اللبن. [13] واجترت: من الجرة وهي ما تخرجها البهيمة من كرشها تمضغها. [14] يربض: يرويهم حتى يثقلوا فيربضوا، أي يقعوا على الأرض للنوم والراحة. [15] ثجا: لبنا كثيراً سائلا. [16] علاه البهاء: أي أعلا الإناء بهاء اللبن. [17] أراضوا: أي رووا، فنقعوا بالري، يريد شربوا مرة بعد مرة.
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 273