responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 128
المبحث الثاني
سنة الابتلاء
الابتلاء - بصفة عامة- سنة الله في خلقه, وهذا واضح في تقريرات القرآن الكريم, قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِيمَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) [الأنعام: 165] وقال سبحانه: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً) [الكهف: 7] وقال جل شأنه: (إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) [الإنسان: [2]].
الابتلاء مرتبط بالتمكين ارتباطا وثيقا، فلقد جرت سنة الله تعالى ألا يُمكِّن لأمة إلا بعد أن تمر بمراحل الاختبار المختلفة، وإلا بعد أن ينصهر معدنها في بوتقة الأحداث، فيميز الله الخبيث من الطيب, وهي سنة جارية على الأمة الإسلامية لا تتخلف, فقد شاء الله تعالى أن يبتلي المؤمنين ويختبرهم، ليمحص إيمانهم ثم يكون لهم التمكين في الأرض بعد ذلك، ولذلك جاء هذا المعنى على لسان الإمام الشافعي - رضي الله عنه - حين سأله رجل: أيهما أفضل للمرء، أن يُمكن أو يبتلى؟ فقال الإمام الشافعي: لا يمكن حتى يبتلى، فإن الله تعالى ابتلى نوحًا وإبراهيم، وموسى وعيسى، ومحمدًا صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فلما صبروا مكنهم, فلا يظن أحد أن يخلص من الألم البتة [1].

حكمة الابتلاء وفوائده:
للابتلاء حكم كثيرة من أهمها:
1 - تصفية الصفوف:
جعل الله الابتلاء وسيلة لتصفية نفوس الناس، ومعرفة المحق منهم والمبطل؛ وذلك لأن المرء قد لا يُكشف في الرخاء، لكنه تكشفه الشدة، قال تعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ) [العنكبوت: [2]].
2 - تربية الجماعة المسلمة:
وفي هذا يقول سيد قطب رحمه الله: «ثم إنه الطريق الذي لا طريق غيره لإنشاء الجماعة, التي تحمل هذه الدعوة وتنهض بتكاليفها، طريق التربية لهذه الجماعة، وإخراج مكنوناتها من الخير والقوة والاحتمال، وهو طريق المزاولة العملية للتكاليف, والمعرفة الواقعية لحقيقة الناس وحقيقة الحياة، ذلك ليثبت على هذه الدعوة أصلب أصحابها عودًا، فهؤلاء هم الذين يصلحون لحملها, إذن بالصبر عليها، فهم عليها مؤتمنون» [2].

[1] الفوائد لابن القيم, ص283.
[2] في ظلال القرآن (2/ 180).
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 128
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست