responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 127
وقد أدرك الشعراء قبل غيرهم أن القرآن الكريم ليس شعرًا [1] ومن فرط تكذيبهم وعنادهم قالوا: إن محمدًا يتعلم القرآن من رجل أعجمي [2] كان غلامًا لبعض بطون قريش، وكان بياعًا يبيع عند الصفا، وربما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجلس إليه ويكلمه بعض الشيء، وذاك كان أعجمي اللسان لا يعرف من العربية إلا اليسير، بقدر ما يرد جواب الخطاب فيما لا بد منه، ولهذا قال تعالى (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ) [النحل: 103].
أي فكيف يتعلم من جاء بهذا القرآن من فصاحته وبلاغته ومعانيه التامة الشاملة من رجل أعجمي؟ لا يقول هذا من له أدنى مسكة من العقل [3].
واعترضوا على طريقة نزول القرآن، فطلبوا أن ينزل جملة واحدة، مع أن نزوله مفرقًا أدعى لتثبيت قلوب المؤمنين به وتيسير فهمه وحفظه وامتثاله: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً) [الفرقان: 32].
فلما اعترض المشركون على القرآن, وعلى من أنزل عليه بهذه الاعتراضات
تحداهم الله بأن يأتوا بمثله، وأعلن عن عجز الإنس والجن مجتمعين عن ذلك: (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) [الإسراء: 88].
بل هم عاجزون عن أن يأتوا بعشر سور مثله: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ - فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ) [هود: 13، 14].
وحتى السورة الواحدة هم عاجزون عنها: (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُّفْتَرَى مِن دُونِ اللهِ وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ - أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [يونس: 37 - 38].
فعجزهم مع أن الفصاحة كانت من سجاياهم، وكانت أشعارهم ومعلقاتهم في قمة البيان دليل على أن القرآن كلام الله الذي لا يشبهه شيء في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله وأقواله، وكلامه لا يشبه كلام المخلوقين [4].

[1] نفس المصدر (3/ 59)
[2] انظر: تهذيب السيرة (1/ 74، 90)
[3] انظر: تفسير ابن كثير (2/ 586).
[4] انظر: رسالة الأنبياء (3/ 66).
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 127
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست