الفصل السادس عشر
الإسلام هو الدين النافع
انتفعت به أمم العالم بالواسطة
الإسلام دين علمه رحمة للعالمين، الرسول الأمين، ولذا وجب أن تكون أحكامه رحمة للأمم وللعالم. ولو كانت أحكام النبي (ص) خاصة بالمسلمين لصعب انتفاع الأمم الأخرى بها، ولكن التاريخ يدلنا على أن الإسلام منذ أن نشر تعاليمه وقدم إلى الصديق والعدو مائدة النعمة ودعاهم إليها، بدأ انتفاع الأمم بها وإن ادعت ابتعادها عن الإسلام.
كان المجوس يعتقدون منذ العهد القديم أن (يزدان) خالق النور، و (أهرمن) خالق الظلمات، ولم يكونوا يرون بأسا من الاعتقاد في شخص ما بأنه خالق مثل يزدان، وهم يرون أن جنود يزدان وأهرمن في قتال دائم، كما هو الحال في (آريه ورت) فآلهة الخير وآلهة الشر تتحارب وتتعارك دائما، ولكن أهل الديانتين يعترفون اليوم بتفوق يزدان على أهرمن، وتفوق آلهة الخير على آلهة الشر، وكان المجوس قد تخلوا منذ مدة عن حدود المحرمات الأبدية، فكان بهمن هو والد الملك الإيراني داراب، وكان جده من أمه أيضا، بينما كانت أم داراب، واسمها هما، بنت بهمن نفسه!!. ولم يعترض البلاط الإيراني على هذه القرابة العجيبة ولا على وارث الحكم بها، ولم يتعجب شعب إيران من هذا الموقف، بل وضع تاج بهمن بعد موته على بطن ابنته هما، وأقر الناس بالملك لمن لم يولد بعد راضين طائعين. [1].
ولما سقط دارا بن داراب جريحا بأيدي الجيش اليوناني وكاد أن يلفظ أنفاسه الأخيرة وصل إليه الاسكندر بن فيلب، فأخذ رأسه ووضعه في حجره، وهنا باح دارا بوصيته للاسكندر، وهي أن يتزوج الاسكندر روشنك بنت دارا التي كان دارا يربيها لنفسه؛ فالجدير بالتفكير أن دارا نفسه اعترف بأنه كان يربي ابنته لنفسه، اعترف بذلك في أحرج ساعات حياته. وهذا يدل على أن هذه العادة القبيحة كانت عامة في إيران، ولشيوعها [1] الطبري 3/ 2.