وأقول أن معجزة شبيهة بهذه توجد في نزول المن والسلوى في عهد موسى عليه السلام، ولكن منزلة المعجزة المحمدية تفوق معجزة موسى تفوق الماء على الطعام في بقاء الحياة.
وأضيف أيضا أنه وجد في كلام الأنبياء السابقين التنبؤ بمعجزة النبي (ص) هذه وخاصيته هذه، فقد ورد في إشعياء: إن الله يفجر العيون في الصحراء الجافة.
وليست بنا حاجة إلى تأويل هذه الألفاظ، فالواقع أن معجزة نبع الماء قد فجرت الينابيع في الفلوات التي خلت من ماء الشرب، ولله الحمد.
بركة اللبن
الشيء الذي يلي الماء في المنزلة هو اللبن، ورد في حديث المعراج أن النبي (ص) أتى بقدح اللبن والخمر في السماء، فاختار النبي (ص) اللبن، فقال له جبريل: اخترت الفطرة. ولذلك شبه الإسلام أيضا باللبن.
وكل مولود للإنسان يتغذى باللبن، ولن نجد طفلا تغذى بالخمر، وبذلك يثبت أن اللبن سر الفطرة الإنسانية.
وقد ربى داعي الإيمان وهادئ الإسلام (ص) أمته بلبن تعليمه الطاهر، وسقاهم اللبن المعجز أيضا، وكثر ذلك في حياته (ص).
أولا: عقد الإمام البخاري بابا: كيف كان عيش النبي (ص) وأصحابه، أورد فيه حديث أبي هريرة الذي هو مظهر المعجزات النبوية، كما يوضح حقيقة كيف كانت حياة سيد الكون حياة زهد وورع.
يقول أبو هريرة: إني كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإني كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا يشبعني، فمر ولم يفعل، ثم مر بي عمر فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا يشبعني، فمر ولم يفعل، ثم مر بي أبو القاسم (ص) فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي وما في وجهي، ثم قال: ((يا أبا هر الحق)) ومضى فتبعته فدخل فاستأذن فأذن لي، فدخل فوجد لبنا في قدح فقال: ((من أين