ب - وإن أريد معنيان مختلفان فإن كلمة ((يد الله)) [1] تعني حفظ الله، وكلمة ((أيديهم)) تعني الجارحة الإنسانية. ويكون معنى الآية أن حفظ الله ونصره يكون دائما مع هؤلاء المبايعين.
ويؤيد ذلك ما ورد في هذه السورة نفسها بعد قليل، يقول تعالى:
{فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا (*) ومغانم كثيرة يأخذونها} (الفتح 18، 19).
وكان الخلفاء الراشدون ومن تحتهم من الولاة والحكام وقواد الجيش وفاتحي الأمصار من هؤلاء المبايعين. وقد تم على أيديهم فتح بلاد حضرموت وعمان والعراق وفلسطين وسوريا ومصر وأفريقيا والسودان وتونس والجزائر ومالطة وكريت وإيران وخراسان. نعم، هؤلاء الصلحاء هم مظهر معنى الآية وما فيها من البشارة العظمى، فقد تم تمحيص قلوبهم وأنزل الله عليهم السكينة التي ورد ذكر نزولها في أحوال موسى أيضا وفي أيديهم كانت القوة التي أخضعت أيدي العالمين جميعا، ولم يغلب عليهم جيش مدرب لدولة. وكان ذلك أيضا مشهدا لقوله تعالى: {وكف أيدي الناس عنكم} (الفتح: 20).
وهذه البيعة النبوية والاتباع المحمدي وصدقهم وإخلاصهم لذاته (ص) ولأسوته قد حقق لهم ما حازوه من الشرف والفضل والجاه والشوكة والثروة والرفعة ورحمة الله وبركاته.
فهم كانوا تابعين، وهذه الخصائص كلها ترتبط أصلا بذات النبي (ص). وهذا الشرف من خصائصه (ص).
الخاصية الرابعة والعشرون
{ولكن رسول الله وخاتم النبيين} (الأحزاب: 40).
الخاتم والختم بمعنى واحد، واللام في النبيين للجنس، ولذا يدخل في هذه الكلمة [1] لا يأول أهل الحديث كلمة ((اليد)) بأي شكل من الأشكال، ولكنهم ينزهون الله تعالى عن الجسم وما يلزمه، وهكذا يمتازون عن المجسمة والمعطلة. ومذهبهم في الصفات خال من كل تعقيد وتعسف.