أتى على النبي - صلى الله عليه وسلم - حين تردد هو في نكاح زينب نظرا لما كان عليه المجتمع وتقاليده، ولكن تم أمر الله وقبلها النبي - صلى الله عليه وسلم - كزوجة له. فتمزقت أوصال التبني الذي اغتر به العالم زمانا وتحطمت أصنامه، لأن الإسلام كان حرم على الأب أن ينكح زوجة ابنه. والآن لما جعل القرآن زوجة زيد زوجة للنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبق مجال للتأويل في تأييد التبني.
وليس غريبا أن يكون الكفار في ذلك الزمن قد بكوا على ما رأوا من انحلال عادتهم القديمة ووجهوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أو القرآن كلمات من اللوم والوقيعة، ولكن الأغرب من ذلك أن النصارى في عصرنا هذا يبدون سخطهم على هذه الواقعة.
ـ[لماذا يعترض النصارى على هذه الواقعة؟]ـ: لنا أن نفركر ما الذي جعل النصارى يتقلبون على الجمر لهذه الواقعة؟ هل جعل الكتاب المقدس التبني حقا أم أن المسيح عليه السلام اعترف بجوازه وقال في تأييده ولو كلمة؟ وإذا لم يكن ذلك فلماذا هم مهمومون؟.
نعم! إنهم مهمومون لأن نكاح النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا لم يبطل التبني فحسب، بل أبطل عقيدة التثليث أيضا، لأنه إذا أثبت الإسلام أن القول بأن إنسان ما ابن لإنسان آخر دون وجود رابطة الدم هو مجرد كذب وافتراء وبهتان، فإنه يثبت بذلك أن القول بأن الإنسان ابن الله هو بالقطع باطل وافتراء كامل وبهتان صريح وكذب مكشوف، لأن الإنسان لا يشبه الله تعالى في شيء، فكيف يكون هذا الإنسان الذي ركب من جسم وروح وله حوائج بشرية وخلق يوما ولم يكن قبله وسيفنى يوما ابنا لله الحق القيوم صاحب الذات السرمدية وهو الأول والآخر.
هذا ما جعل الدعاة النصارى يسخطون على هذه الواقعة. ولم يكن هدفنا هنا إلا ذكر سيرة زينب رضي الله عنها فلذا ينبغي أن نقصر حديثا على هذا الهدف، إن هذه الواقعة تدل على أن وجود زينب كان ذا بركة في نشر تعاليم الإسلام وإبطال العادات والتقاليد الضالة. ولذلك كانت عائشة رضي الله عنها تقول في شأنها: "هي التي تساويني في المنزلة عند رسول الله".
كانت زينب بنت ست وثلاثين سنة [1] حين تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن الحكم بالحجاب قد نزل يومئذ، هذان أمران إذا علمهما أحد لا يمكنه أن يصدق ما قد أشيع ضد النبي - صلى الله عليه وسلم - من أنه لما رأى زينب فجأة افتتن بها، مع أن زينب بنت لعمته الحقيقية، [1] وذكر في كتاب "إنسان العيون" 35 سنة ولكن الصحيح هو 36 سنة على الحساب الصحيح.