مثلما ظهرت أحوالهن القلبية. ولتوضيح هذا الدليل أكثر يمكن أن ندرج الآية التالية: {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما} (سورة الأحزاب: 53).
وبما أن الآية الأولى تصرح بأن الصلة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين أزواجه أبدية، لهذا ليس له أن يبدلهن، ومن هنا فإن هذه الآية تنص على أنه حرم على الأمة أن ينكحوا أزواجه من بعده.
وفي الآية الأخيرة أمر هام يجب التفكير فيه وهو أن الله نهى المؤمنين عن إيذاء الرسول، وجاء ذكر حقوق أزواجه بوجه خاص. ومن هنا يتضح بجلاء أن أشد ما يمكن أن يؤذي الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو النيل من شأن أزواجه والإساءة إليهن. وذلك لأن القرآن خص هذا الأمر بالذكر حين ذكر إيذاء الرسول.
ـ[الفضيلة السابعة]ـ:
قال الله تعالى: {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة} (سورة الأحزاب: 34).
أضيفت في هذه الآية كلمة "البيوت" إلى ضمير جمع المؤنث وهو "كن"، وفي الركوع السابع من نفس السورة ورد قوله تعالى: {لا تدخلوا بيوت النبي} وأضيفت فيها كلمة "بيوت" إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الدليل صريح على اتحاد الزوجين الطيبين، فقد وصفت هذه البيوت ببيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة، وبيوت أزواجه مرة أخرى.
تأملوا في الآية السابقة فقد أثنى الله تعالى فيها على بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث جعلها مهبطا للوحي الإلهي، ومهدا للحكمة الربانية. ويعرف الجميع أن كرامة البيت، متوقفة على كرامة صاحبه، ولتقدروا الآن ما لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من كرامة وعزة عند الله، إنها لفضيلة عظيمة.
ـ[الفضيلة الثامنة]ـ: أنزل الله في شأن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - آية التطهير. فقال: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (...) واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا} (سورة الأحزاب: 33 - 34).