ـ[الفضيلة الثالثة]ـ:
قال الله تعالى: {إنا أحللنا لك أزواجك} (سورة الأحزاب: 50).
يكون الرجل والمرأة كل واحد منهما زوجا للآخر بعد النكاح، سواء تم هذا النكاح وفقا للشريعة الإسلامية أو وفقا لشريعة أخرى مما كانا يدينان بها وقت الزواج. لكن أحدا منهما لا يستطيع أن يدعي لنكاحه مكانة عند الله عز وجل. أما أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد أنزل الله فيهن قوله {إنا أحللنا لك أزواجك} وأعلن أنهن أزواج للنبي باعتراف إلهي. ومن الواضح أن هذا الاعتراف فضيلة عظيمة لهن في الحقيقة.
ـ[الفضيلة الرابعة]ـ: ذكر الله حسن عشرة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأزواجه فقال: {تبتغي مرضات أزواجك} أي: تهتم برضائهن. (سورة التحريم: 1).
ومن الواضح أن أفعاله - صلى الله عليه وسلم - أعظم وأجل من أن يشوبها خطأ فابتغاؤه - صلى الله عليه وسلم - مرضات أزواجه واهتمامه برضائهن دليل على فضيلتهن.
ولا ينبغي أن يشك أحد في هذا المفهوم إذ ورد قبله قوله تعالى: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} (سورة التحريم: 1).
فإنه لا يخالف قول الله عز وجل {تبتغي مرضات أزواجك} ولا يؤثر عليه شيئا لأنه حينئذ يمكن أن يقول "يا أيها النبي لم تبتغي مرضات أزواجك" ولم يقل كذلك. فمعنى الآية: أنت تقوم بكل عمل لإرضائهن، ولكن لابد أن يكون له حد، وهذا الحد هو أن تقوم بما تريد لإرضائهن بشرط أن لا تحرم حلالا، مثلما أراد أن يحرم على نفسه العسل لاستكراه إحدى أزواجه رائحته.
تبين من ذلك أن الله تعالى قد أذن للنبي - صلى الله عليه وسلم - بمرضات أزواجه، والواقع أن هذا الإذن أساس لإدارة المنزل، وقوام لحسن العشرة، كما أن الحد الذي أقامه الله، له أهميته ووجوبه، حتى لا يحرم أحد حلالا لمجرد ابتغاء مرضات أزواجه، وإذا لم يؤذن لأحد بتحريم حلال، فتحليل حرام أولى بأن يكون غير مأذون به لأحد. ولهذا فقد انحلت هنا مسئلة عظيمة، وظهر للدنيا كلها السلوك الطيب، الذي اتبعه النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أزواجه، وعليه فيجب على كل زوج أن يتخذ من هذا النموذج مثلا يحتذيه في تعامله مع زوجته. وبالجملة فإن هذه الآية تشير إلى ما لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من فضيلة.