ودفعهن إلى وقال: إذا انتهيت إليها فألق فيها حصاة حصاة وسم الله، فقال زياد: ففعلت فما أدركنا لها قعرا حتى الساعة.
وفد ثقيف:
أول من جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من ثقيف لتعلم الإسلام كان عروة بن مسعود الثقفي، وهو رئيس قومه، وكان قد قدم سفيرا لقريش إلى رسول الله في صلح الحديبية. وبعد غزوة هوازن وثقيف وبتوفيق من الله حضر إلى المدينة وأسلم، وكان في بيت عروة عشر زوجات فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يمسك منهن أربعا [1] ويطلق الأخريات ففعل [2]. [1] يعرف القارئ من هذه القصة أن تعدد الزوجات كان رائجا في الجزيرة العربية، ولم يكن هناك حد يقف عنده الرجل في التعدد، فقضى الإسلام على هذه الحرية المطلقة، وحدد ما لم يكن له حد وجعل الأربع نساء أخر حد التعدد، واليوم يعترض كثير من الناس على إجازة الإسلام لأربع نساء وأكثر المعترضين من النصارى، ونتساءل: هل أجرى المسيح عليه السلام أي إصلاح على تعدد الزوجات عند اليهود؟ فإذا لم يكن الأمر كذلك، فإن من ميزة الإسلام على سائر الأديان الأخرى أنه جعل حدا لهذه المسألة، ولنقرأ الإصحاح الخامس والعشرين من إنجيل متى من أوله، جاء فيه ذكر زواج رجل واحد مع عشر جوار، ذهبت خمس منهن وراء العريس وتخلفت خمس لجهلهن، وهذا التمثيل يعد دليلا على تعدد الزوجات، أما القرآن الكريم فقد أجاز الزواج باثنتي وثلاث وأربع ثم قال: {فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة} وقال أيضا: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم}، فهذا هو الإسلام الذي سبق سائر الكتب الدينية بقوله {فواحدة} وجعل هذا قانونا وحكما، وكفاه ذلك فخرا وفضلا، وليس موضوعنا هنا ذكر الأدلة العقلية والنقلية على جواز التعدد ولكن نقول بإيجاز لو كانت العزة والكرامة معتمدة على كثرة السكان لوجب الزواج بأكثر من واحدة تحقيقا للعزة القومية حتى لو كان ذلك على حساب الراحة الشخصية إلا أن عقلاء العالم يدركون أن السعداء هم أولئك الذين يضحون بأنفسهم في سبيل أمتهم. [2] ويضطرب الكتاب الغربيون ويغضبون من لفظ الطلاق أيضا ولعلهم يتناسون أن قانون العدالة يمنحهم الحرية الكاملة فيما يتعلق بمعاملة الطلاق، كما أنهم يتناسون أيضا أن الطلاق يحدث بكثرة في أوربا دون غيرها من العالم كما أن بها محاكم خاصة لإنهاء إجراءات الطلاق - وقد فرض الإسلام قيودا عديدة على الطلاق المطلق عند اليهود في النصارى ومشركي العرب حتى بطلت هذه العادة تقريبا، ومن هذه القيود: [1] - مهر الزوجة الذي يمنع الزوج من التطليق. [2] - الطلاق الشرعي ثلاث طلقات كل منها بعد حيضة وهذا يمنع الطلاق لمدة ثلاثة أشهر وحتى بعد الطلقة الثالثة يسكن الزوجان معا في بيت واحد وهذا التدبير يمنع أيضا التطليق. =