عليه اليهود، فقتلوه، وهكذا وقع الشر، وعاد النبي - صلى الله عليه وسلم - من بدر واستدعى اليهود ليسألهم عما وقع من بلاء وشر، فأرسلوا ورقة المعاهدة واستعدوا للقتال. وهكذا وصل الأمر إلى إعلان العصيان ولهذا تم عقابهم فأخرجوا من المدينة ليسكنوا في خيبر.
المكيدة الثانية، مؤامرة قتل النبي أو إجلاء بني النضير:
سبق أن ذكرنا أن قريشا كتبت إلى الوثنيين بالمدينة في شأن قتال النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن خطتهم فشلت نظرا لفراسة النبي - صلى الله عليه وسلم - وحكمته، ثم عادت قريش بعد هزيمتها في بدر فكتبت مرة ثانية إلى اليهود: "إنكم أهل الحلقة والحصون وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا وكذا ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم شيء وهي الخلاخيل".
فلما بلغهم هذا الكتاب عقدت بنو نضير النية عن نقض العهد وخدل النبي - صلى الله عليه وسلم - [1].
ويذكر أنه في السنة الرابعة للهجرة خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بني النضير يستعينهم في دية، فإذا بهم يجلسون خلف حائط ويتآمرون على قتله بأن يقوم عمرو بن جحاش بإلقاء الرحى على النبي.
فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر من السماء فقام وخرج راجعا إلى المدينة برعاية الله.
وتم عقاب بني النضير بإجلائهم عن المدينة إلى خيبر، فخرجوا وقد حملوا متاعهم على ستمائة بعير، فهدموا بيوتهم بأيديهم وخرجوا إلى خيبر [2].
مؤامرة اليهود الثالثة (العصيان العام) وما نتج عنها من غزوة الأحزاب أو الخندق:
كانت غزوة الخندق [3] من أشهر أحداث العام الخامس من الهجرة. فلم يجنح بنو نضير إلى السلم بعد وصولهم إلى خيبر فعقدوا العزم على أن يكونوا جبهة واحدة للقضاء على المسلمين وأن تتكاتف الجهود وتجتمع لذلك جميع قبائل العرب وأصحاب المذاهب المختلفة أيضا. [1] أبو داود عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك باب في خبر النضير 3/ 404. [2] ابن هشام 3/ 199 وزاد المعاد 3/ 127، والطبري 3/ 36.
وقد ورد الخبر بذلك في سفر اشعيا الأصحاح 6/ 30 يحملون [أي الأبناء المتمردون] على أكتاف الحمير ثروتهم وعلى أسنة الجمال كنوزهم إلى شعب لا ينفع وقد ظهر عدم النفع هذا في غزوة خيبر. [3] أدرجنا هذه الغزوة ضمن غزوات اليهود لأن اليهود هم الذين ألبوا القبائل وأتوا بهم إلى المدينة مع أن هذا الجيش ضم قريشيين ووثنيين أيضا إلا أن عدد الوثنيين كان أكثر.