فجعلت منها عقدا، كما صدر العفو أيضا عن وحشي الذي قتل حمزة (أسد الله ورسوله) خداعا ومثل بجسده.
ويفهم من إمعان النظر والفكر أن جند رسول الله لم يفتحوا مكة بالقوة بل الخلق المحمدي والعفو النبوي والرحمة التي كانت سمة من سماته كل هذا فتح قلوب أهل مكة للإسلام [1].
ولهذا فبعد فتح مكة لم يذكر أنه حدث استيلاء على أموال الكفار وممتلكاتهم كغنائم حرب، ودور المسلمين المهاجرين الذين أخرجوا من مكة، كانت بأيدي الكفار، وحين طلب هؤلاء المسلمون من النبي - صلى الله عليه وسلم - استعادة ممتلكاتهم، لم يوافق على طلبهم هذا، وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن ليس لهم الحق في المطالبة باسترداده.
*****
وقبل أن أنتقل من الحديث عن فتح مكة (الذي ورد في نبوءات صحف الأنبياء السابقين) أود أن ألفت أنظار القراء إلى نبوءة أخرى عظيمة.
سورة يوسف، التي وردت في القرآن الكريم، نزلت في مكة، قال الله تعالى في نهايتها: {ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك}.
وهنا على القراء أن يعرفوا التشابه بين أحوال يوسف الملقب بالكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم وأحوال الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
1 - إن إخوة يوسف حسدوه لكمالاته الروحية، وكذلك كان حسد إخوة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
2 - مكث يوسف في البئر، وكذلك أقام الرسول في الغار.
3 - قضى يوسف عدة سنين في السجن وكذلك حوصر النبي - صلى الله عليه وسلم - عدة سنين في شعب أبي طالب.
4 - حظى يوسف بالجاه والجلال بعد خروجه من وطنه وذهابه إلى مصر، والنبي [1] زاد المعاد 3/ 412 قارنوا بين ألفاظ البيعة التي أخذها النبي على الناس في وقت انتصاره وبين ألفاظ بيعة العقبة الأولى التي أخذها في حلكة الليل خارج المدينة، فلن تجدوا بينها فرقا، وهذا هو أكبر دليل على عظمة شأن الرسول - صلى الله عليه وسلم -.