ابن عمير الملوح يراها فرصة ويعزم على قتل النبي، فلما دنا منه قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أفضالة؟ فقال فضالة: نعم.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ماذا كنت تحدث به نفسك الآن؟
قال فضالة: لا شيء، كنت أذكر الله.
فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: استغفر ربك، ثم وضع يده على صدره.
يقول فضالة: والله ما رفع يده عن صدري حتى ما من خلق الله شيء أحب إلي منه. فرجعت إلى أهلي فمررت بامرأة كنت أتحدث إليها، فقالت، هلم يا فضالة إلى الحديث، فقلت لا - يأبى الله والإسلام ذلك [1].
وبيان سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعد كاملا إذا لم يذكر عفوه عن الإساءات التي تعرض لها في مكة، ومن الواضح أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر جميع جيشه قبل دخول مكة ألا يهاجموا أحدا، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل أربعة رجال وامرأتين وجب القصاص منهم لجرائمهم السابقة، فقتل من الرجال الأربعة ابن خطل فقط، وكان مسلما (وارتد) وقد قتل غلامه لأنه لم يعد له الطعام في وقته وفر هاربا إلى مكة - وأصدر العفو عن الثلاثة الآخرين عكرمة بن أبي جهل، وهبار بن الأسود وعبد الله بن أبي سرح.
1 - أما عكرمة فبالإضافة إلى أنه ابن أبي جهل، فقد قاتل المسلمين مرارا وكان سببا فيما أصاب بني خزاعة حلفاء المسلمين.
2 - وأما هبار فهو الذي عرض للسيدة زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي تركب الهودج من مكة إلى المدينة فنخس بها حتى سقطت وأسقطت جنينها وتوفيت في النهاية من جراء هذه الصدمة، وقد أسلم فيما بعد وحسن إسلامه.
3 - وأما عبد الله بن أبي سرح فكان يزعم أن الوحي يأتيه وأن محمدا يتلقى منه ثم يملي عليه الله أكبر، ما أرحم نبي الرحمة الذي عفا عن هؤلاء المجرمين.
ومن بين المرأتين نفذ القصاص في امرأة ارتكبت جريمة القتل العمد وصدر العفو عن هند زوجة أبي سفيان، وهي التي مضغت كبد حمزة عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وجدعت أنفه وأذنه [1] الطبري 3/ 61.