أي جميع أولئك الناس الذين بذلوا قصارى جهدهم بالمال والجهد والحيلة والسلاح والغش والخدل، من أجل "إبادة المسلمين"، طوال واحد وعشرين سنة، إلا أن رسول الله الذي بعثه الله رحمة للعالمين، جلس بعد الصلاة، فطلب العباس (عم الرسول) أن يعطى مفتاح بيت الله لبني هاشم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اليوم يوم البر والوفاء" واستدعى عثمان بن أبي طلحة، وسلمه مفتاح الكعبة وقال: "لا ينزعها منكم إلا ظالم" [1].
خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد فتح مكة أمام المهزومين والأعداء:
ثم توجه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الجماعة التي استوجبت القتال وقال: "يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم "وآدم خلق من تراب" ثم تلا هذه الآية: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} ثم قال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" [2].
بيعة المسلمين وشروطها:
ثم توجه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جبل الصفا فجلس يتلقى البيعة على الإسلام، وكان عمر ابن الخطاب يأخذ على الناس واحدا واحدا وتضمنت البيعة ما يلي:
1 - إني لا أشرك بالله أحدا في ذاته وصفاته واستحقاقه للعبادة والاستعانة.
2 - لا أسرق ولا أزني ولا أقتل نفسا بغير حق، ولا أقتل البنات ولا آتي ببهتان.
3 - إني أطيع النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمور الحق على قدر الاستطاعة.
وبايع النساء على ما بايع الرجال وزاد:
"ألا يخمشن الوجوه حدادا على أحد، ولا يلطمنها ولا يثرن الرؤوس ولا يشققن الجيوب ولا يلبسن السواد ولا يجلسن على القبور حزنا".
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا بايع النساء وضع يده في إناء فيه ماء ثم أخرجها، فتأتي من تريد مبايعته فتضع يدها فيه، وفي مناسبات أخرى كان يأخذ عليهن البيعة بالقول فقط.
ويذكر أنه في اليوم التالي من الفتح وبينما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يطوف بالكعبة إذا بفضالة [1] طبقات ابن سعد (2/ 137). [2] الطبري 3/ 61.