اسم الکتاب : آثار حجج التوحيد في مؤاخذة العبيد المؤلف : آل فراج، مدحت الجزء : 1 صفحة : 192
الرسالات، وطمست فيه السبل، ولم تكن لديهم بقايا ملة من الملل، أو آثارة من علم تقم بها الحجة عليهم.
قال الإمام الشنقيطي في هذا المعنى:
"قوله تعالى: (وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا) [آل عمران: 103]. هذه الآية الكريمة تدل على: أن الأنصار ما كان بينهم وبين النار إلا أن يموتوا مع أنهم كانوا أهل فترة، والله تعالى يقول: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً). ويقول: (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) [النساء: 165]، وقد بين تعالى هذه الحجة بقوله في سورة طه: (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى) [طه: 134].
والآيات بمثل هذا كثيرة، والذي يظهر في الجواب والله تعالى أعلم: أنه برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - لم يبق عذر لأحد، فكل من لم يؤمن به فليس بينه وبين النار إلا أن يموت.
كما بينه تعالى بقوله: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) [هود: 17]. وما أجاب به بعضهم من أن عندهم بقية من إنذار الرسل الماضين، تلزمهم بها الحجة فهو جواب باطل، لأن نصوص القرآن مصرحة: بأنهم لم يأتهم نذير كقوله تعالى: (لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ) [يس:6] وقوله: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) [السجدة: 3]. وقوله: (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) [القصص: 46] وقوله: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ) [المائدة: 19] وقوله تعالى:
اسم الکتاب : آثار حجج التوحيد في مؤاخذة العبيد المؤلف : آل فراج، مدحت الجزء : 1 صفحة : 192