وأما عمر رضي الله عنه فكان شديدًا في نفسه، فكان من كماله استعانته باللين ليعتدل أمره - فكان يستعين بأبي عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وأبي عبيد الثقفي، والنعمان بن مقرن، وسعيد بن عامر، وأمثال هؤلاء من أهل الصلاح والزهد الذين هم أعظم زهدًا وعبادة من خالد بن الوليد وأمثاله. وقد جعل الله في عمر من الرأفة ما لم يكن فيه قبل ذلك، تكميلاً له، حتى صار أمير المؤمنين [1] .
كمال الخلفاء الراشدين
وعمر بن عبد العزيز
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [2] قد فسر (أولي الأمر) بذوي القدرة كأمراء الحرب. وفسر بأهل العلم والدين، وكلاهما حق. وهذان الوصفان كانا كاملين في الخلفاء الراشدين فإنهم كانوا كاملين في العلم والعدل، والسياسة والسلطان، وإن كان بعضهم أكمل في ذلك من بعض - فأبو بكر وعمر أكمل في ذلك من عثمان وعلي - وبعدهم لم يكمل أحد في هذه الأمور إلا عمر بن عبد العزيز [3] . من يطعن على أبي بكر وعمر وغيرهما من الصحابة
أبو بكر، وعمر لا تقوم حجة بأنهما تركا واجبًا أو فعلاً محرمًا أصلاً [4] ولا يطعن على أبي بكر وعمر إلا أحد رجلين: إما رجل منافق [1] منهاج جـ4/158، 131، 239 جـ3/112. وانظر مجموع الفتاوى جـ4/457. [2] سورة النساء: 59. [3] منهاج جـ2/169. [4] وتقدمت هذه العبارة في موضوع (فدك) .