responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 461
مِنَ الْغَيْبِ وَقُضَى اللَّهُ أَنَّهُ {لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} وَلَعَمْرِي لَوْ أَنَّ أحَدًا عَلِمَ الْغَيْبَ لَعَلِمَهُ آدَمُ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ وَعَلَّمَهُ أَسْمَاءَ كُلِّ شِيءٍ، وَأَسْكَنَهُ الْجَنَّةَ يَأْكُلُ فِيهَا رَغَدًا حَيْثُ شَاءَ، وَنُهِيَ عَنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ الْبَلَاءُ حَتَّى وَقَعَ بِمَا نُهِيَ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ يُعْلَمُ الْغَيْبُ لَعَلِمَتْهُ الْجِنُّ حِينَ مَاتَ نَبِيُّ اللَّهِ سُلَيْمَانُ - صلى الله عليه وسلم - فَلَبِثَتْ تَعْمَلُ لَهُ حَوْلًا فِي أَشَدِّ الْهَوَانِ لَا يَشْعُرُونَ بِمَوْتِهِ {مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} [سبأ:14] أَيْ تَأْكُلُ عَصَاهُ {فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ} [سبأ:14] وَهِيَ فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ «تَبَيَّنَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ لَوْ كَانُوا يَعْلَمَونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ» وَكَانَتِ الْجِنُّ تَقُولُ قَبْلَ ذَلِكَ أنَّهَا تَعْلَمُ الْغَيْبَ وَتَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَابْتَلَاهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ، وَجَعَلَ مَوْتَ سُلَيْمَانَ لِلْجِنِّ عِظَةً " (1)
قَالَ الإِمَامُ البغوي: وَالْمَنْهِيُّ مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ مَا يَدَّعِيهِ أَهْلُهَا مِنْ مَعْرِفَةِ الْحَوَادِثِ الَّتِي لَمْ تَقَعْ فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ، مِثْلَ إِخْبَارِهِمْ بِوَقْتِ هُبُوبِ الرِّيَاحِ، وَمَجِيءِ الْمَطَرِ، وَوُقُوعِ الثَّلْجِ، وَظُهُورِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَتَغَيُّرِ الأَسْعَارِ وَنَحْوِهَا، يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَسْتَدْرِكُونَ مَعْرِفَتِهَا بِسَيْرِ الْكَوَاكِبِ، وَاجْتِمَاعِهَا وَافْتِرَاقِهَا، وَهَذَا عِلْمٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرَهُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لُقْمَان:34]،فَأَمَّا مَا يُدْرَكُ مِنْ طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ الزَّوَالُ، وَجِهَةُ الْقِبْلَةِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الْأَنْعَام:97]،وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النَّحْل:16]،فَأَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّ النُّجُومَ طُرُقٌ لِمَعْرِفَةِ الأَوْقَاتِ وَالْمَسَالِكِ، وَلَوْلاهَا لَمْ يَهْتَدِ النَّائِي عَنِ الْكَعْبَةِ إِلَى اسْتِقْبَالِهَا، رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: «تَعَلَّمُوا مِنَ النُّجُومِ مَا تَعْرِفُونَ بِهِ الْقِبْلَةَ وَالطَّرِيقَ، ثُمَّ أَمْسِكُوا» (2)

(1) - تفسير ابن أبي حاتم، الأصيل - مخرجا (9/ 2914) (16536) صحيح مقطوع وقال ابن كثير عنه:
وَهُوَ كَلَامٌ جَلِيلٌ مَتِينٌ صَحِيحٌ -تفسير ابن كثير ت سلامة (6/ 207)
(2) - شرح السنة للبغوي (12/ 183) وبمثله قال المنذري: إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (1/ 250) والترغيب والترهيب للمنذري (4/ 19)
اسم الکتاب : الإيمان بالجن بين الحقيقة والتهويل المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 461
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست